عبد اللطيف البوني

اتلموا ياكباري


[ALIGN=CENTER]اتلموا ياكباري[/ALIGN] عندما تم التوقيع على اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا) وشهد عليها الشهود وتبادل الجميع التهاني واستلمت الحركة الجنوب واخذت حصتها من الثروة والسلطة في الشمال، لم يقل احد ان العلاقة بين الشريكين الحاكمين ستكون سمن على عسل وانهم سوف يأكلون في صحن واحد ويشربون (بكوز) واحد، لقد كان الكل موقناً ان الشيطان في التفاصيل ويتحرك مع بداية التنفيذ، فالتشاكس والمجابدة و(يفتح الله ويستر الله) امر متوقع لا بل مؤكد، ولكن هناك ملاذات يمكن اللجوء اليها في حالة الاختلاف وهذه الملاذات هي المناط بها تفسير ما غمض من النصوص وتفصيل ما غم منها ولم ما تبعثر منها. أهم هذه الملاذات هي مؤسسة الرئاسة فهي بمثابة حائط الصد الاخير الذي يجب ان ينتهي عنده أي خلاف ويرفع عنده (الزعل والحنبكة)، فمقامها وعددها يؤهلها لذلك، فهي الاعلى رتبة وكل عددها ثلاثة فقط، فاتفاق الثلاثة اسهل من اتفاق الاربعة وبالمناسبة كان يمكن ان تكون مؤسسة الرئاسة مكونة من الرئيس (الوطني) ونائبة (الحركي) ولكن جون قرنق هو الذي اصر على وجود النائب الثاني حتى يكون الاستاذ على عثمان موجوداً.
مناسبة هذه الرمية الطويلة هي اننا بصدد ما صرح به السيد رئيس الجمهورية أخيراً فيما يتعلق بديكتاتورية الحركة في الجنوب ومطالبتها بالديمقراطية في الشمال وانهم في الوطني سوف يكبلون حركة الحركة في الشمال اذا لم ترفع القيود عن الآخرين في الجنوب وقد انهى تصريحاته بالمقولة النارية (العين بالعين والسن بالسن) وقد ترك للسامع ان يكمل (والباديء اظلم) . ليست هذه اول ملاسنة رئاسية بين الشريكين، ففي احتفالات السلام قبل عامين في جوبا هاجم السيد سلفاكير المؤتمر الوطني هجوماً عنيفاً في حضور الرئيس الذي اعقبه على المنصة فرد الصاع صاعين وتساءل عن مبلغ الستين مليون دولار التي استلمتها الحركة بعد التوقيع وخارج القسمة الرسمية، وقد ذكرت احدى الصحف انه بعد نهاية الاحتفال ذهب الرئيس ونائبه الاول للاستراحة الرئاسية وهناك شاهدا احدى الفضائيات التي كانت (تلعلع) بما دار بينهما من خلاف على الهواء فقال الرئيس لنائبه (كان في داعي لشيل الحال دا؟) من المحطات المهمة لخلافات الرئاسة ما ذكره السيد سلفا في زيارته قبل الاخيرة لواشنطون اذ هاجم رئيس الجمهورية بالاسم وقال انه لم يعد يثق به.
هجوم الرئيس الاخير على الحركة والذي جاء في مناخ تعاني منه الحركة من تفلتات أمنية في الجنوب، فالسيدة سيما سمر المقرر الخاص لحقوق الانسان قالت ان الجيش الشعبي ينتهك حقوق المدنيين ويثير الفوضى في الجنوب ولكن الاخطر ما قاله اشرف قاضي ممثل الامين العام للامم المتحدة من ان عدد الموتى في الجنوب بعد السلام يفوق عدد الموتى في دارفور هذا مع وجود أنباء دولية تقول ان الحركة تتحسب لحرب مع الشمال ولكن بما ان السيد رئيس الجمهورية قال ما قال من منصة حزبية يمكننا ان نحمل الامر محملاً سياسياً اذ يبدو ان المؤتمر(متضايق) من محاولات الحركة لتجميع الاحزاب الشمالية خلفها للضغط على الوطني، فبالتالي لفت المؤتمر نظرها بأنها اذا ارادت تجييش الشمال عليه فسوف يجيش الجنوب عليها (فالعين بالسن والسن بالعين) (ارجو من الاخ المصحح ان يتركها على حالها). من مصلحة الشريكين ومن مصلحة البلد ان يهديء الطرفان اللعب و(يضعا الكرة ارضا) ويبقى أعلى رئاسة الجمهورية في مكان عالٍ لتكون آخر الملاذات.

صحيفة الرأي العام – حاطب ليل
العدد(22691) بتاريخ8/6/2009)
aalbony@yahoo.com