عبد الجليل سليمان

يا الماشي لي باريس


[JUSTIFY]
يا الماشي لي باريس

يا لأغنية البنات القديمة الغبيِّة، إذ تبدو مُبهمة وغامضة، وهي تتوسل لـ (مجهول) وتطلب منه (مجهول)، فتقول: (يا الماشي لي باريس، جيب معاك عريس، شرطاً يكون لبيس ومن هيئة التدريس).

ذروة الغباء في هذه الأغنية، ليست في أنها تخاطب (مجهوليْن)، أولهما (الماشي لي باريس)، وثانيهما (العريس/ الأستاذ) هل هو سوداني أم فرنسي، ولا في شرط الزواج السخيف (شرطاً يكون لبيس)، وإنما في (عظم) الطلب نفسه، إذ كيف تطلب إحداهن من أحدهم أن يأتي لها بزوج باريسي بطريقة فيها (تسليع) للإنسان، فيبدو وكأن العريس (قارورة عطر) أو (رواية) لسايمون دي بوفوار.

وفيما لو تأملنا بعض الأغنيات مجهولي النسب، كهذي، لوجدنا التي بيننا أخف وطأة وأقل غباءً من كثير من مثيلاتها.

سيكون خيالياً، من يتصور أن الإمام الصادق المهدي ذهب إلى باريس بذات شروط المُغنية (البناتية)، وسيُجانب الواقع من يعتقد أن (فأر باريس) مثل (فيل جيبوتي)، وأن الإمام رضي الله عنه سيكون بين ظهراني الثورية وكنف المعارضة من أجل حوار إستراتيجي بناء يضع حداً ولو (أدنى)، وبأضعف الإيمان لمشكلات السودان العصيّة، فلو كان يريد ذلك لفعل حين كانت المعارضة بين يديه، ورهن أصبعيه يقلبها أنى يشاء، لكنه انقلب ناحية الحكومة وأدار لها ظهره (قلب لها ظهر المجن).

لذلك فـ (الماشي لي باريس) في هذا التوقيت، لن يصطاد فيلاً ولا فأراً، ولن يأتي إلى من تنتظره من الجميلات بعريس، لأنه ذهب ليناور (الوطني) وليس ليفاوض المعارضة، واستقبال (عرمان) له في مطار (شارل ديغول) يظل نوع من الـ (شو/ show) بهدف الضغط على (حليفه) المؤتمر الوطني، وبقية قوى المعارضة.

الإمام في باريس، هذا عنوان اليوم، أما عنوان الغد فربما يكون (وسافر خلاني ليه)!!

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي