أين ذهبت كتائب التدخل السريع.. هل شالها السيل؟

هل تلاشت كما تلاشى واختفى الجيش العراقي أمام داعش، أم تراها قد شالها السيل من بين ما شال من أنفس عزيزة ومنازل ومتاع، على رأي مولانا محمد عثمان الميرغني في تعليقه الشهير الذي أبدى فيه استياءه من الطريقة التي أديرت بها الانتخابات السابقة ورفضه لنتائجها التي سوّت بحزبه الأرض، واكتسحها حزب المؤتمر الوطني اكتساح السيل، لقد قال حينها مولانا عبارة احتلت مكانها بجدارة بين أذكى النكات الانتخابية التي توالى إطلاقها آنذاك منذ لحظات التصويت الأولى حين طارت الحمامة ولم ترك، وانسخط النمر فأصبح حصاناً، و(كشَّ) القطر فصار عجلة، وغيّبوا الحاضر وأحضروا الغائب، وبعثوا الموتى وفرّقوا حتى بين المرء وزوجته وجعلوا إخوته وبنيه وأمه وأبيه يفرون منه فرارهم يوم القيامة، يومها قال مولانا حين صعقته وأذهلته النتيجة الصفرية التي حصل عليها حزبه في دوائر كسلا معقل المريدين والأحباب وحصن الختمية الحصين ومرقد (سيدي الحسن) وهو الذي كان قبل أيام يكاد أن يقول مفاخراً وهو يجيل النظر في الحشود الحاشدة والألوف المؤلفة التي هبت لاستقباله وهتفت لحزبه بكسلا (أنا والله أصلح للمعالي وأمشي مشيتي وأتيه تيهاً وأعطي فاتحتي لمن يبتغيها)، فتساءل مستعجباً ومستنكراً (وأين ذهبت كل تلك الحشود، هل شالها القاش؟)، وبدورنا وعلى طريقة مولانا نتساءل اليوم مع محنة الخريف والسيول الماثلة (وأين ذهبت كتائب التدخل السريع هل شالها السيل؟)..
لو كانت ذاكرة الولاية خربة أو أنها كانت بياعة كلام تطلقه ولا تلقي له بالاً، يقتضينا واجب المواطنة أن نذكرها بتصريحها المدوي الذي أطلقته قبل أكثر من شهرين وجاء فيه ما مفاده أنها بصدد إنشاء أو ربما أكملت إنشاء ما أسمته (آليات التدخل السريع)، وفي رواية أخرى (كتائب الخريف) استعداداً لموسم الأمطار الوشيك، وقد أعدت الولاية لهذا الغرض كما قالت خمسة آلاف شاب للعمل مع غرف الطوارئ بالمحليات، و… وجاء الخريف وحدث ما حدث من فقدان لبعض الأرواح العزيزة وتهدم لمئات المنازل وضياع لممتلكات وانتشار البرك وتمدد مساحات (الخبوب والطين) إلى آخر تفاصيل المأساة التي خلفتها الأمطار والسيول، ولكن للأسف غابت ولم تحضر هذه الكتائب المزعومة وكأني بالخريف يمد لها لسانه ويقول ساخراً على طريقة المرحوم نقد (حضرنا ولم نجدكم)، فما وضح الآن أن هذه الكتيبة لا وجود لها ولم يعثر أحد على أي أثر لها، وكانت محض فرقعة إعلامية، فهلا تكرمت الولاية بإبلاغ رعاياها عن مصير هذه الكتائب، وماذا جرى لها ولماذا لم يقف الناس على أي عمل لها أو يسمعوا عنها مجرد خبر منذ لحظة إعلان تشكيلها قبل أكثر من شهرين وإلى هذه اللحظة، وهل صحيح أنها كانت مجرد تدبير استباقي لتحجيم أي جهد شبابي وطني خالص كالذي تم في الخريف السابق مثل مبادرة شباب نفير الذين أبلوا بلاءً حسناً وسحبوا البساط من كل التنظيمات السلطوية الورقية.
[/JUSTIFY][/SIZE]بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي
