حيدر المكاشفي

من أبرار إلى عقار.. قف تدبر

[SIZE=5][JUSTIFY][CENTER][B] من أبرار إلى عقار.. قف تدبر [/B][/CENTER]

قبل أن تكون أحكام القضاء محصنة ضد النقد، يهمني أن أثبت هنا أنه لا نية لي ولا رغبة في التعليق على أحكام الإعدام (من حيث أنها أحكام قضائية)، تلك التي صدرت بحق كل من أبرار أو إن شئت مريم التي اتهمت بالردة قبل أن تبرئها محكمة أعلى عبرت بها من سجن النساء الذي فاجأها فيه مخاض وليدتها الجديدة، عبوراً إلى الدنيا الجديدة، مروراً بالفلل الأميركية وروما الإيطالية، والحكم الآخر الذي صدر في وقت سابق بإعدام مالك عقار وياسر عرمان، ولا هذا اللاحق الذي أصدرته قبل يومين محكمة استئناف أيدته وأجازته، الذي أرغب فيه فقط هو التعبير عن الخشية من أن يختلط نابل القضاء بحابل السياسة، فيؤتى القضاء من حيث لا يحتسب بأحابيل السياسة وألاعيبها وتكتيكاتها ومناوراتها، فتجره معها إلى أرضها الزلقة ورمالها المتحركة، فمن قبل ورغم صدور حكم الإعدام على كل من ياسر عرمان ومالك عقار، إلا أن الحكومة سعت إليهما وفاوضتهما، بل ووقعت معهما الاتفاق الشهير المعروف بـ(اتفاق نافع عقار) الذي تراجعت عنه الحكومة بأعجل ما تيسر ونفضت يدها منه قبل أن يجف المداد الذي كتب به، وكانت تلك عجيبة من عجائب السياسة السودانية التي تنطبق عليها مقولة كلام الليل يمحوه النهار، أو فلنقل كلام نافع بالنهار يمحوه أخوه في الله والحزب والتنظيم والحكم بالليل. والأعجب أن ذلك النكوص من ذاك الاتفاق لم يكن بسبب أن ياسر وعقار في عداد الموتى بحكم القرار القضائي، وإنما لأسباب أخرى ليس من بينها هذا الحكم، إذ سرعان ما عادت الحكومة إلى الجلوس اليهما ومفاوضتهما، وما تزال حتى لحظة صدور القرار المؤيد لإعدامهما قبل يومين.

وها هو الآن البروفسور غندور، ورغم قرار تأييد حكم الإعدام على اثنين من أبرز قادة الحركات المسلحة يبشر الشعب السوداني بإرادة قوية للوصول إلى توافق سوداني عظيم ويشير إلى توفير الضمانات اللازمة لقادة الحركات المسلحة في حال قرروا المشاركة في عملية الحوار هذا من جانب الحكومة، أما من جانب الحكومة فقد طار إلى باريس الإمام الصادق المهدي والتقاهم وحاورهم، ووقع معهم ما سُمي (إعلان باريس)، وأيضاً تم ذلك في غضون صدور حكم الإعدام، ولا أدري لمن يقدم البروفسور غندور ضمانته ولا مع من وقع الإمام إعلانه، هل مع هؤلاء الموتى بأمر الحكم القضائي أم آخرين غيرهم، كان الأجدى للإمام والبروفسور أن يعيدا عرمان وعقار إلى الحياة قبل أية خطوة أخرى، وإلا فكيف لهما محاورة الموتى، اللهم إلا أن يكون ما فعله الإمام وقاله البروف هو ذات ما سبق أن سبقت به الخارجية القرار القضائي ببراءة أبرار، وهنا مكمن الخشية من جرجرة القضاء إلى حيث يريد الساسة.

[/JUSTIFY][/SIZE]

بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي