جمال علي حسن

لوم للشباب.. وليس لؤماً عليهم


[JUSTIFY]
لوم للشباب.. وليس لؤماً عليهم

اللقطة الرائجة والمتداولة على (واتساب) هذه الأيام، هي لشاب يحاول المشي ملتصقاً بحائط أحد المنازل في شارع غارق بمياه الأمطار بالكامل، هذه اللقطة زاد انتشارها وتداولها ذلك التعليق الساخر المكتوب في أسفل الصورة (الواحد في البلد دي إلا يبقى ضب)..!

تجعلنا هذه اللقطة نعود مهرولين ومسرعين نبحث عن دور ضعيف أو مفقود للمجتمع والمواطن في مساعدة نفسه أولا وليس مساعدة الحكومة أو المحليات..

وتجعلنا هذه اللقطة نواصل حديثنا الذي بدأناه قبل أيام حول استنفار جهود المجتمع وجهود الشباب الذين لم تعد هِمتهم هي تلك الهِمة القديمة والمعروفة عن شباب بلادي في زمان مضى غنى فيه الشعراء:

عجبوني الليلة جوا

ترسوا البحر صددوا

هناك دور منتظر ومفقود للشباب في الأحياء والمدن والذين لم نعد نجد فيهم تلك الهِمة القديمة في حمل معاولهم والمساعدة في تصريف المياه..

لو انتظرتم الحكومة بإمكانياتها المحدودة لتصل إلى كل مكان وتعالج بآلياتها هذا الوضع فستنتظرون طويلا حتى تصلكم تلك الخدمات وقد لا تصل بسبب حجم الكارثة ومحدودية الإمكانيات..

لماذا يكتفي الكثير من الشباب هذه الأيام بالخروج والتجمع في أطراف وأركان طرقات الأحياء يرتدي بعضهم الجلباب الأبيض النظيف ويتبادل مع رفاقه السخط والنقم والسب واللعن للمحليات التي تأخر وصولها إليهم أو التي وصلت آلياتها في المرة الأولى لتسحب المياه المتجمعة قبل أن يصبح صباح اليوم التالي على أمطار جديدة تجمعت مياهها في الشارع مرة أخرى.

صحيح أن تصريف مياه الأمطار في مدن الخرطوم مسؤولية الجهاز التنفيذي لكن وبجانب ذلك يقول الخبراء إن مشكلة التصريف أيضاً ترتبط بانخفاض مدن ومناطق العاصمة، وهذا ما أشار إليه المجلس التشريعي للخرطوم قبل أيام بأن هناك خللا هندسياً قديماً في العاصمة تحتاج معالجته إلى الاهتداء بخارطة كنتورية وإعادة تخطيط بل نسمع من بعض الخبراء القول بأن الخرطوم لم تكن هي المكان الأنسب للسكن من الأساس لوقوعها في منطقة منخفضة وهذا يعني أن كلفة معالجة الأمور وإعادة هيكلة العاصمة تحتاج إلى وقت طويل وإلى إمكانيات كبيرة جداً وأن كل هذه المعالجات لا تنال الدرجة الهندسية الكاملة..

لكن وفوق كل هذا هناك سؤال أساسي ومهم موجه للجميع تطرحه تلك اللقطة المتداولة على (الواتساب): لماذا لا يقوم كل مواطن على الأقل بردم واجهة ومحيط منزله..؟

إن اللقطة المتداولة تلقي بتساؤل مهم لصاحب هذا المنزل على سبيل المثال والذي وصلت مياه الأمطار المتجمعة إلى سوره الخارجي وهو سؤال لوم للمواطن وليس سؤال لؤم عليه: ألا يعتبر كل مواطن أن لديه مسافة مترين أمام منزله يبني فيها البعض سياجاً ويزرع آخرون الأشجار بل يحتجون على استغلال أي جهة لهذه المساحة بحجة أنها المساحة الواقعة أمام منزله..؟!!.. ماذا يخسر من جهد وطاقة لو قام بعمل ردمية في مساحة المترين على أضعف الإيمان إن لم يتفضل بالإسهام بشكل تكافلي مع جيرانه لردم بقية المساحة في الشوارع الفرعية الصغيرة التي من السهل معالجتها لو قدم كل شاب دوره ليحمي ويقي نفسه والآخرين من المخاطر الصحية لتلك المياه الراكدة ويحسن من واجهة منزله بيئياً وصحياً وجمالياً..

لماذا قل الحماس عند الشباب؟، لماذا يتفرجون على الوضع؟.. لم نكن هكذا.. بل كانت روحنا وقلبنا أكثر سخونة وأكثر استعداداً للعطاء..

هذا البلد يحتاج لطاقات الجميع ويحتاج لتفريغ النفوس والقلوب من الدوافع السالبة وخيارات الابتعاد عن أداء الدور المطلوب.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي