عبد اللطيف البوني

فقر وإفقار


[JUSTIFY]
فقر وإفقار

المطر النازل مباشرة ثم السيول القادمة من مطر نازل في منطقة اعلى (سيل الوادي المنحدر) والفيضانات الناجمة من مطر هطل في بلاد مجاورة وفي البلاد كلها يمكن أن تكون مصدر خطر اذا تجاوزت المقدار الذي اعتاد الناس عليه اي معدلها المعروف ويبدو أن اخطرها هو السيول فهذه التحوط لها صعب لان السيل يغير مجراه بحسب الجهة التي نزل فيها المطر كما أن السيل قدرته على المفاجأة عالية جدا فالمطر النازل يمكن التحوط له بحسن التصريف اما الفيضان فهو ينذر الناس بوقت كاف لان رحلته مكشوفة من محابس النيل العليا إلى محابسه الدنيا.
فيما يتعلق بالسيول هل سمعتم أن الخرطوم العاصمة جاءها سيل من جهة الجنوب ؟ اي من جهة الجزيرة ؟ من المؤكد أن الذين يعيشون في الخرطوم الآن لم يسمعوا ابدا بسيل قدم من جهة الجنوب اللهم الا اذا كان ذلك قبل قيام مشروع الجزيرة في 1925 فمشروع الجزيرة بقنواته الكبيرة والصغيرة واراضيه المسربة هذه من سرابة- وبمصارفه تجاه النيل (الخير والبركة في الانجليز ) قد شكل حماية كاملة للخرطوم من جهة الجنوب من اي سيول مهما كان حجم المطر النازل في الجزيرة وبالمناسبة مشروع الجزيرة يقدم للخرطوم خدمات امنية كبيرة وكان يمكن وبكل سهولة أن يطعمها من جوع ولكن نعمل شنو مع المحقة السودانية دي ؟ ستكون لنا عودة إن شاء الله لكيف امن مشروع الجزيرة الخرطوم من خوف وكيف يمكن أن يؤمنها من جوع بإذن الله.
عودة إلى السيول فلو كانت المساحة السهلية الواسعة في الخرطوم الشرقية (تخوم بحري ) مستغلة بمشاريع زراعية ضخمة مقامة على ضفة النيل الازرق الشرقية وعلى ضفة نهر النيل الشرقية لكانت كل اطراف الخرطوم بحري في مأمن من اي سيول فالآن المشاريع التي اقيمت مؤخرا كالسليت والواحة وغيرهما خففت كثيرا من السيول التي تهجم على ضواحي بحري ولو كانت هناك مشاريع زراعية كبيرة مقامة في غرب ام درمان على ضفة النيل الابيض الشرقية وضفة نهر النيل الغربية لما اجتاحت السيول اطراف ام درمان ولما دخلتها قوات خليل ابراهيم في عملية الذراع الطويلة 2008 واذا رجعنا للتاريخ سنقول ولما غزاها المهدي وجعل غردون محتميا بالقصر.
إن الانهار الثلاثة العذبة بضفافها الستة التي تقع عليها ولاية الخرطوم قد اعطتها ميزة يندر أن يجود الزمان بمثلها . هذه الانهار وضفافها كان يمكن أن تجعل الخرطوم في مأمن من السيول ومن كل الجوع ومن الخوف ولكن وآه من لكن هذه قاتل الله الفقر في الخيال والفقر في الافكار وفي الفقر في الطموحات الذي نجم عنه الفقر وفي الامكانيات فأصبحت الخرطوم عرضة لكل انواع المخاوف الطبيعية وتلك التي يصنعها بنو البشر. وفي تقديري انه يمكن أن نجد شيئا من العذر للاجيال السابقة ففقر الخرطوم السكاني ربما حجب التفكير في مشاريع تأمين العاصمة مما جميعه ولكن الخرطوم الآن اصبحت مدينة مليونية تضم ثلث سكان السودان وربما اكثر فهذه الثروة السكانية سوف تظل عبئا اضافيا اذا لم نستغلها ونحولها إلى طاقة ايجابية لكن قل ياصاح متى نفرغ من المعالجات وملاحقة النوازل حتى نفكر في المستقبل.
وللحديث بقية إن شاء الله.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]