جمال علي حسن

ليس بالبعوض وحده يموت المواطن


[JUSTIFY]
ليس بالبعوض وحده يموت المواطن

لو كان البعوض الموجود الآن في الخرطوم ينقل الملاريا لما بقي أحد سالما، وهذا من لطف الله بنا أن وفق جهود المنظمات الصحية الدولية في عملها الضخم الذي قامت به خلال السنوات الماضية في مكافحة هذا الداء الذي كان في فترة من الفترات يفتك بالأطفال والصبيان ويحصد الأرواح في السودان.

وتصريحات وزير الصحة بولاية الخرطوم تؤكد أن نسبة الإصابة بالملاريا في الخرطوم لم تتجاوز الـ1 بالمائة والحمد لله.

لكن الملاريا ليست هي المرض الوحيد حتى تنام الدولة ملء جفونها عن شوارد الخريف ومياهه الراكدة المتعفنة هنا وهناك..

أمراض الخريف ومشاكله الصحية لا تحصى ولا تعد، فلو كانت أنثى الأنوفليس قد أعلنت عن وقف العدائيات والانسحاب من ميدان القتال، فإن إمراض التلوث وأوبئة انهيار الوضع البيئي لا تزال قائمة وقادمة بقوة..

الكوليرا والإسهالات والتايفويد الذي بدأت تتزايد حالات الإصابة به في بعض مناطق الخرطوم أوبئة محتملة تتطلب مكافحتها جهدا متكاملا ومتواصلا من الدولة والمواطن معا لدرء خطرها على الأطفال وعلى المواطنين بشكل عام.

جيوش الذباب تحتفل بكأس عالمها فينا بأعداد كبيرة جدا، ولا تزال ثقافة الكثير من السودانيين تحتفظ بنظرية (أصغر منك دوسو) خاصة في المناطق الأقل وعيا بالمخاطر الصحية والأقل اهتماما بالتحوطات اللازمة في التعامل مع الأطعمة والمشروبات..

وحتى أولئك الذين يلتزمون باتخاذ تلك التحوطات الصحية اللازمة بشكل صارم على مستواهم الشخصي لا يزال قطاع كبير من المجتمع ينظر إلى هؤلاء على أنهم أشخاص (متفلهمين) ومتعالون على الناس وعلى الواقع.

والمحزن في الأمر أن الجهات الرسمية وبحكم أن ملف الصحة العامة وبحكم هذه الثقافة ليس ملفا ساخنا ومطلبيا بشكل ملح عند المواطنين تجد تلك الجهات تسد أذنها اليمنى بـ(طينة) واليسرى بـ(عجينة) وتركز اهتمامها في حلحلة القضايا التي يرتفع فيها صوت المواطن أكثر، لذلك تظل الصحة العامة في ذيل الاهتمامات ويظل الذباب ينعم بالراحة هانئا مطمئنا وتظل الأوساخ هي أبرز نجوم الساحة البيئية البائسة التي نحن فيها.

نرفع صوتنا بقوة ونقول إن تصحيح البيئة لا يجب أن يكون لافتة مدرجة في أسفل قائمة الخطوات التي تفكر الأجهزة المعنية في القيام بها لاحقا، بل من المفترض أن يكون أحد برامج العمل الأساسية في غرفة طوارئ الخريف والتي يتم تنفيذها ضمن خطة الطوارئ العاجلة فليس هناك أعجل من مشكلات الصحة والأوبئة القاتلة.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي