عبد اللطيف البوني

لكن ما بالغتي يا ست سيما

[ALIGN=CENTER]لكن ما بالغتي يا ست سيما[/ALIGN] السيدة الافغانية سيما سمر المقرر الخاص لحقوق الانسان في السودان أصبحت اسماً في حياتنا طوعا أو كرها، فهناك من لا يحبها وهناك من يحبها والامر ليس له علاقة بشخصها أو (طرحتها البيضاء) انما لوظيفتها، فهي مفروضة فرضاً على الحكومة لأن طبيعة عملها طبيعة تفتيشية واستجوابية وعلى محتويات تقاريرها يكرم السودان أو يهان في اجتماعات حقوق الانسان بجنيف. لقد ظلت سيما سمر تتردد على السودان وتتجول فيه (على كيفها) و(تفلفل) الملفات كما تشاء لأنها تأتي مزودة بكم هائل من المعلومات والشكاوى ومن مصادر سودانية مباشرة أو غير مباشر.
في آخر زيارة لها تحدثت عن تدهورحقوق الانسان في دارفور وفي الجنوب (يعني المرة دي طارت جوز في حكومة الخرطوم وحكومة جوبا) ثم عرجت على قضايا نوعية وطالبت برفع الحصانة القضائية عن القوات النظامية وعدم مساءلة رؤساء تحرير الصحف في المواد المنشورة ولكنها دخلت في (الغريق) عندما طالبت البرلمان باضافة المادة التي تحرم ختان الاناث في قانون الطفل السوداني، فطارت الوسائط الاعلامية بالخبر وهي تقول ان سيما سمر لديها ملاحظات عن ختان الاناث في السودان (هو نحن ناقصين شيل حال يا سيما يا سمر).
موضوع ختان الاناث في السودان من المواضيع الموضوعة على طاولة النقاش منذ عشرات السنين وقد تبلور النقاش فيها الى ان هذا الموضوع موضوع اجتماعي يتعلق بالمجتمع وبالاعراف والتقاليد اكثر من تعلقه بالدولة والقوانين والحمد لله في السنوات الاخيرة وصل الامر نقاشاً وافعالاً مراحل متقدمة، فحدث اجماع على محاربة الختان الفرعوني حتى ما يسمى ختان السنة قد حدثت له زلزلة قوية، فهناك شيوخ اجلاء افتوا بانه لا أصل له في السنة.
كلنا يعلم قصة الاستاذ محمود محمد طه مع هذا الموضوع، فعندما شرع الانجليز في الاربعينيات قانوناً لتجريمه واعتقلوا احدى قابلات رفاعة قاد ثورة ضدهم ودخل السجن ليس دفاعا عن ذلك الختان انما دفاعاً عن القابلة. وقال ان الانجليز الذين يمثلون الدولة لا يحق لهم التدخل في هذا الامر وان محاربته بالقانون سوف يجعل من تعرضت له من معروضات المحاكم مما يعتبر استفزازاً للأسر السودانية لأنه يدخل في الاعراض وسوف تنجم عنه مشاكل اكبر. مؤتمر الخريجين عندما ناقش هذا الموضوع وصل الى خلاصة مفادها ان نشر الوعى سوف يقضي عليه ولا يحتاج لتدخل الدولة ولكن للاسف لم ينقرض بل تطور كماً وكيفاً اذ دخل مناطق في السودان لم تكن تعرفه (حتى الدينكا في الخرطوم مارسوه) أما كيف فقد اصبحت له عدة انواع وبمسميات مختلفة (مافي داعي لها) ولكن في العشرين سنة الاخيرة اتجه عليه الناس واصبح في حالة تراجع مرضية ويقول مصدر رسمي ان نسبة التخلي عن الختان وصلت عشرين في المائة (يعني المسألة ماشة كويس).
المادة «13» من قانون الطفل والتي تجرم هذا الختان تم سحبها في آخر لحظة اذ تغلب الرأي القديم القائل بابتعاد الدولة عن هذا الموضوع وقد حدث جدل حيوي ومحمود حول هذا الامر ولكن في تقديري ان تدخل السيدة سيما في هذا الموضوع لن يفيد بل سيضر ويعتبر تهافتاً في غير موقعه وتسييساً لأمر اجتماعي لا بل قد يعرقل كل المكتسبات التي تمت في هذا الشأن لأن طبيعة وظيفة سمر طبيعة سياسية لا بل وخلافية، اللهم الا اذا كانت السيدة سمر تريد ان تطيل زمن وظيفتها في السودان، فإن كان ذلك كذلك فإنني اقترح عليها الالتفات لـ(حفرة الدخان) في زيارتها القادمة.

صحيفة الرأي العام – حاطب ليل
العدد(22691) بتاريخ12/6/2009)
aalbony@yahoo.com