عبد اللطيف البوني

ديالوج أم منلوج ؟


[JUSTIFY]
ديالوج أم منلوج ؟

رمية :–
المجتمع المدني، منظمات المجتمع المدني، المؤسسات المدنية، تقوية المجتمع، إضعاف الدولة لمصلحة المجتمع، تقزيم الدولة وعملقة المجتمع . كل هذه العبارات تصب في اتجاه واحد وهو أن تتنازل الدولة عن سلطاتها إلى اقصى درجة ممكنة لتسمح لقوى المجتمع بالتنامي والتحرك او يحدث العكس فتنشط قوى المجتمع وتنزع المبادرة من الدولة وقد تبلور هذا الاتجاه في تقوية منظمات المجتمع المدني وهذه ابسط تعريف لها انها منظمات لا تقوم على رابطة قبلية او طائفية او ربحية ولا تسعى للحكم وانها تتحرك في الفضاء بين الاسرة والدولة.
العصاية :–
دول العالم الثالث استوردت هذا المصطلح وسعت لتطبيقه على واقع ليس مواتيا له فالمجتمعات في العالم الثالث ضعيفة مكبلة بالعشائرية والطائفية والسياسة كما أن الدولة مع ضعفها هي الاخرى الا انها باطشة وبواسطة الحكومات فالحكومات القابضة هي اكبر معوق لنمو منظمات المجتمع المدني ومع ذلك يمكن للمجتمع أن يتحرك وينمو مع ضعف الدولة . السودان مثل غيره من دول العالم الثالث لديه اشواق لمجتمع مدني قوي لكن الواقع يبطئ دوما بهذا الحلم وهذة قصة اخرى فنحن اليوم بصدد ما اطلق عليه مؤخرا الحوار المجتمعي الذي شهدته قاعة الصداقة في الاسبوع المنصرم وخاطبه رئيس الجمهورية اذ ظهر من خلال بعض الافهام أن مؤسسات المجتمع المدني سوف تكون بديلا للاحزاب السياسية وانها يمكن أن تدخل في صفقة لتقاسم السلطة السياسية فمن المؤكد أن هذا غير ممكن اللهم الا كسر رقبة.
يمكن جدا لا بل من واجب منظمات المجتمع المدني من اتحادات ونقابات وروابط فئوية أن تتقدم برؤيتها حول كيفية ادارة البلاد. عليها أن تقدم البرامج والبدائل للاحزاب وللحكومة لكي تختار منها فمثلا من واجب روابط اساتذة الجامعات وليس الجامعات أن تجتمع على حسب تخصصاتها وتطرح رؤيتها وتروج لها وتسعى لحمل الحاكم على تنفيذها او على الاقل يجعلها ضمن خياراته ووسيلة الضغط الرئيسة هنا هي الانتخابات والاعلام وغيرها وكمثال تفصيلي لهذا، الوضع الاقتصادي في البلاد من حق لا بل من واجب الاقتصاديين في غير المنصات الحزبية أن يضعوا له روشتة فيكون هناك ملتقى او مؤتمر يجمع اساتذة الاقتصاد والخبراء الاقتصاديين في الداخل والخارج والاتحادات المهنية من زراع وصناع وتجار ونقابات عاملين أن يضعوا الروشتة التي يرونها ويعرضونها على الرأي العام لتكون ضمن خيارات متخذ القرار اي الجهاز التنفيذي وهكذا يتم وضع برامج في كافة المجالات، الدستور الحكم الفدرالي, التخطيط الثقافي, الدفاع، الامن, ويمكن لرئيس الجمهورية بصفته رئيسا للبلاد وليس بصفته الحزبية أن يخاطب ويوفر الرعاية لكل تلك الملتقيات وبهذا يمكن أن تتحقق المشاركة المجتمعية المنشودة.
كسرة :–
حزب المؤتمر الوطني الحاكم الآن لديه دوائر اختصاصات وهي التي تقوم بوضع البرامج للحكومة وبالتالي يصبح في حالة انفراد كامل بالبلاد فإذا اراد الناس تفكيك دولة الحزب لصالح دولة الوطن فليفكوا اسر المنظمات والروابط المجتمعية لكي تتحرك وتقدم برامجها للحاكم الذي يفترض أن يأتي بانتخابات حرة ونزيهة و(لا فيها شق ولا طق ) فالذي يحدث الآن ليس حوارا (ديالوج) انما هو منلوجا (حديث احادي اي مع النفس) اقصى ما يمكن أن يفعله هو أن يعيد انتاج الازمة.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]