عبد الجليل سليمان

اتفاق بضمان الإرادة


[JUSTIFY]
اتفاق بضمان الإرادة

يقول البند الخامس عشر من مخرجات الحوار الوطني الذي أدارته آلية (7+7): “إن (الإرادة السودانية) هي الضامن الأول لإنفاذ مخرجات الحوار”.

معظم مخرجات الحوار الأخرى، لولا الفقرة أعلاه، كان يمكن أن تعطي زخماً وآمالاً، حتى ولو جاءت أقل بكثير من المتوقع من حيث المبنى والمعنى، فالناظر لكلمة (تسخير) الواردة في البند الحادي عشر من المُخرجات، والموضوع تحت عنوان جانبي (إعلام المؤتمر): يُصاب بخشية بالغة منها، وهاهو نص البند نضعه أمامكم “تسخير الإعلام الرسمي للدولة لدعم الحوار، إنشاء موقع الكتروني + شعار المؤتمر+ نشرات دورية+ إصدار البيانات + تحديد ناطق رسمى باسم المؤتمر”، على أن يتم ذلك عبر لجنة إعلامية مشتركة بين الطرفين.

هذا، خلا الكثير من الأخطاء الصياغية والإملائية والنحوية، فإن كلمة (تسخير) هذه تجعل جل أجهزة الإعلام الفعالة، مقبوضة بيد (7+7)، بسبب من أنها بشكل أو آخر ذات صفة رسمية، ويتفاقم الأمر، لو قرأنا هذه الفقرة مقرونة بأخرى يقول نصها: “القضاء هو الجهة المعنية بقضايا النشر والتعبير مع عدم اللجوء للإجراءات الاستثنائية خاصة أثناء الحوار”.

حسناً: أليس هذا يعني بوضوح: أن ثمة عودة معلنة وصريحة للإجراءات الاستثنائية بعد انتهاء الحوار؟

لكن دعوني، دون ذلك كله، وفوقه، أعود إلى ما ابتدرت به الزاوية، وهو البند الخامس عشر، الذي يطرح أغرب (ضامن) في تاريخ الاتفاقيات في العالم كله، ضامن لا معنى دقيق له، إلا أنه مدخل رائع للتنصل من الاتفاق المزمع، في أي وقت.

فلا يمكن أن نضع بيض الحوار في سلة الوطن بضمان (الإرادة السودانية)، وما هي هذه الإرادة، ما تعريفها، وهل هناك شيء اسمه الإرادة السودانية، هكذا، حتى نضعها ضامناً؟ ثم، وكيف تكون كذلك وهي بلا معنى أصلاً؟

هذا لا ينفي وجود مناطق مضيئة في (بيان المخرجات)، لكن حتى هذه، تحتاج لشروحات، وتفصيلات وإماطات وجهود أكبر في إعادة صياغتها مرة أخرى بلغة سليمة ومعانٍ وضمانات واضحة، حتى يشعر المواطن بأن ما يدور ليس أمراً عبثياً، وأنه حوار جدي، فيطمئن.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي