عبد اللطيف البوني

ما الليلة عاد


ما الليلة عاد عاد الامام الصادق للبلاد بعد غياب استمر مائة يوم تقريباً شهدت فيها البلاد أحداثا متلاحقة ابتداء من قرار الجنائية الى افتتاح مصنع الايثانول مروراً بتداعيات المؤتمر السابع لحزب الامة التي وصلت (البونية والشلوت) ومشاكسات الشريكين القديمة المتجددة ومشاكسات داخل تحالف قوس قزح وهو في طور الفكرة (مريم الصادق وعبد الجليل الباشا) ومعارك قبلية في الجنوب وأخرى بين المسيرية والرزيقات ووصول الهلال والمريخ الى دور الثمانية في منافسة الاندية الافريقية ومحاولات الفريق القومي للوصول لانجولا.. عاد سيادته ومن المطار الى منبر الجمعة ليحذر من نذر تتجمع في سماء السودان ويقدم مبادرة ليلتقي فيها حزبه مع الحركة الشعبية فالامام (قرأ لوحه من الخارج) وهذا يشي بأن الامام كوم وحزبه كوم آخر وان الرؤية من الخارج قد تكون أوضح من الرؤية الداخلية (فالشغلانة بقت غابة).
التقاء حزب الامة بالحركة الشعبية وان شئت الدقة الصادق بسلفا تظهر فيه الصناعة الخارجية اكثر من تطور العلاقة الداخلية بين الحزبين ولكن تبقى الفكرة التي يحملها سيادته للحركة والمتلخصة في قوله (اما وحدة جاذبة أو جوار أخوي) جوار أخوي دي تلحين لانفصال؟؟؟ طيب يامولانا نيفاشا قالت شنو؟ نيفاشا لم تقل بهذا بل تجاوزته بالتفصيل ووضعته في صلب الدستور اذاً لا توجد مساحة في هذا الشأن كي يتحرك فيها سيادته كما سيكون من المتعثر ان يصل الصادق لشيء مع الحركة ينقص من حقها في نيفاشا وليس لديه ما يعطيه زيادة على نيفاشا وهو من المصرين على المرجعية الاسلامية كما قال في خطبته المشار اليها.
لكن رغم كل هذا الذي تقدم، فاللقاء السياسي بين الزعيمين ممكن جداً ان يتجاوز ماضي علاقاتهما ويمكن ان يصل الى الاتفاق على مرشح لرئاسة الجمهورية، لا بل حتى في شأن الوحدة الجاذبة والجوار الاخوي يمكن ان يصل المهدي مع سلفا الى آلية اجرائية تكفي البلاد والعباد شروراً كثيرة يمكن ان يتفقا على تأجيل الانتخابات وتقديم تقرير المصير عليها، حتى في تقرير المصير يمكن للمهدي ان ينتزع من الحركة موقفاً محدداً من هذه القضية، فاذا قالت الحركة انها مع وحدة البلاد وانها سوف تأمر عضويتها بالتصويت للوحدة يكون استفتاء تقرير المصير تحصيل حاصل، وكذلك اذا قالت انها مع الانفصال ستكون القضية حسمت، ففي كلتا الحالتين يمكن الشروع في الترتيبات منذ الآن، على العموم لو استطاع الصادق ان يحسم موقف الحركة من الوحدة سيكون قدم خدمة كبيرة للحركة السياسية من زيارته لجوبا.
قال السيد الصادق ذات مرة ان حزبه (مسمار نص) لايمكن تجاوزه في أي حراك سياسي ولكن الواقع يقول ان مسمار النص هو الصادق نفسه لما يتمتع به من كاريزما ودينمايكية سياسية، فهو دائما في حالة حراك ويتحرك في مساحة واسعة تتشكل من الزعيم التقليدي ورئيس الحزب الحديث ورجل الدين المثقف والمحلل السياسي وأهم من كل هذا ايجابيته ووطنيته التي لا يمكن ان يزاود عليها أحد، ولكن حزب الامة مثل أخوه (الكاشف) يعاني من نزيف قيادات وبيات عضوية وربطة أسرية على رأسه وفقدان بوصلة وارتكاز على (ماضي الذكريات) فليوفق الله السيد الصادق في مسعاه لخدمة البلاد والعباد وحمايتها مما يحيط بها من أخطار. وعوداً حميداً من جوبا وبأخبار سارة، أما العنوان فمأخوذ من اغنية للكابلي (ما الليلة عاد والشوق زاد).

صحيفة الرأي العام – حاطب ليل
العدد(22692) بتاريخ 15 /6/2009)
aalbony@yahoo.com