جمال علي حسن

سبتمبر.. عصف ذهني


[JUSTIFY]
سبتمبر.. عصف ذهني

تقترب ذكرى أحداث سبتمبر، تلك الأحداث الرهيبة التي وقعت العام الماضي، نتذكرها مترحمين على أرواح الضحايا، ونتذكرها أيضاً متأسفين على ضياع الروح السلمية والمشاعر القومية من الشارع بشكل يجعل العقلاء يلزمون أنفسهم بإغلاق بوابة الشارع وخيار الشارع إغلاقه ولو بغرض (الصيانة) التي قد تستغرق سنوات وسنوات.

لقد ضاعت في شارعنا الثوري القديم تلك الروح والمشاعر التي تميز بين الثورات الشعبية وبين أعمال الفوضى والتخريب والحريق الشامل والانتقام من الوطن.

ثمة اختلاف كبير بين الشارع السوداني الآن والشارع السوداني القديم الذي كان حين يخرج وينتفض ويثور يخرج بوعي وبتنظيم وبقناعة صارمة بأن الانتفاضة الشعبية لا تعتمد العنف والتخريب وسيلة من وسائلها وأن الشعب السوداني لا يريد أن يموت الوطن لتحيا نخبة قليلة من حملة السلاح ليحكموا السودان من داخل قصر يتم تشييده على أنقاض الحريق.

نتذكرها لتتعلم قوى المعارضة الدرس المفيد وتفهم أن خيار الثورة الشعبية المتاح الآن بحسب واقع الشارع المخترق هي ثورة خناجر قبلية وعنصرية وإجرامية وبنادق جاهزة تنتظر أية حماقة تصدر من قيادات سياسية معارضة من النوع الذي يتخيل أن الثورة في السودان تنتظر منه إشعال شرارة على عود كبريت ورميه مراسمياً داخل شعلة رمزية اسمها الانتفاضة السلمية قبل أن ينسحب مشعل الشرارة هذا ويعود إلى بيته حالماً واهماً ويفتح تلفازه منتظراً بيان التنحي وتسليم السلطة ومنتظراً رنة هاتف على جواله تستدعيه لحضور مراسم تسليم السلطة للشعب كما يقولون..

لا تفعلوها مرة أخرى، لأن الشارع ليس هو الشارع الذي تتخيلونه.. لا تفعلوها فالغافل من ظن الأشياء هي الأشياء كما يقول الفيتوري.. فحين كان الشارع قومياً ووطنياً سقط شهيد واحد في أكتوبر فأسقط النظام.. أما الآن فإن إمكانية تحقيق ثورة شعبية تمنعها تركيبة الشارع المخترق بالمخربين والمجرمين قبل كل شيء.

نعم قد تشعلون عود الكبريت لكن الواقع يقول لن تكون لديكم أية قدرة على فعل شيء أكثر من ذلك ولا قدرة لديكم على حماية الثورة المفترضة من نيرانها الداخلية سيُخْتطف العود بمجرد إشعاله ليحرق الوطن بالبنادق المسمومة والسواطير المأزومة المريضة وأوعية البنزين والرصاص.

مختطفة تلك اللافتة الثورية والشعبية يا سادتي قبل أن يرسمها الرسام، مختطفة وستفعل بنا وببلادنا ما فعلته العام الماضي..

صدقوني طريق الحوار السياسي هو السبيل الوحيد للتعامل مع الواقع الموجود وتطويره وتغييره للأفضل.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي