عيون الحكومة المغمضة!
أن تغض الحكومة الطرف عن ظاهرة سيئة مؤذية، فإن ذلك يعني بداية الفوضى، وعندما تغمض عينها فإن ذلك هو الفوضى «بعينها».. وعيون الحكومة ليست مثل تلك العيون التي في طرفها حَوَر، أو تلك التي تغنى لها وبها الشعراء، مثل رائعة أبوصلاح «بدور القلعة» التي يقول في أحد أبياتها الرقيقة:-
العيون النوركن بجهرا
غير جمالكن مين السهّرا
وليت عيون الحكومة كانت مثل عيون الشاعر ساهرة، لا تترك شاردة ولا واردة، لمنع الفوضى والاستغلال، وكل أشكال الانفلات التي نشهدها الآن في «الأسعار»، وهو انفلات غير مبرر، فقيمة العملة مستقرة منذ فترة دون ارتفاع أو تحسن أمام الدولار، وليست هناك ضرائب جديدة أو جبايات أو أي شكل من أشكال فرض الرسوم على الإنتاج أو الاستهلاك، بل إن الحكومة اتخذت قرارات قد يكون لها أثرها السالب بالنسبة للخزينة العامة، لكنها كانت ضرورية لصالح المواطن، مثل تخفيض جمارك زيوت الطعام بنسبة «57%» فبعد أن كانت الرسوم الجمركية «04%» أصبحت «01%» فقط، ومع ذلك زادت أسعار الزيوت زيادات خرافية غير واقعية، ولا منطقية، إذ كيف يعقل أن يصل سعر «جريكانة» الزيت «63» رطلاً إلى ستمائة جنيه، بعد أن كانت تباع بأقل من نصف سعرها الحالي.
أسعار الخضروات واللحوم بلغت ما لم تبلغه من قبل، ليصبح كيلو اللحم الضأني سبعين جنيهاً بالتمام والكمال، بينما بلغ سعر كيلو اللحم العجالي الصافي ستين جنيهاً، وخمسين للكيلو بعظم.. وطارت أسعار الخضروات إلى حدود يعجز أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة من تناولها أو شرائها، فأصبح كيلو البامية ـ مثلاً ـ بثلاثين جنيهاً بعد أن كان يتراوح ما بين عشرة إلى اثني عشر جنيهاً قبل فترة قصيرة.. وعلى ذلم قس.
وأما الفواكه فكأنما أصبحت «للفرجة» فقط، فالفرجة حتى يوم أمس ـ والحمد لله ـ ببلاش.
الخطورة تأتي الآن من ارتفاع أطعمتنا، أطعمة الفقراء والمساكين، مثل الفول الذي نسميه «لحم الفقراء» والطعمية التي هي «كبابهم»، فقد أصبح ثمن وجبة الفول أو «الطلب» الواحد في المطاعم يتجاوز في قيمته قيمة طلب الكباب الحقيقي قبل أشهر قليلة.
تسأل الباعة والتجار فيجيء الرد واحداً «الخريف».. السؤال منطقي وذكي.. والإجابة غبية، لذلك ندعو إلى تدخل فوري وتفعيل حقيقي للقوانين، لحماية أهل السودان من غول ضخم اسمه ارتفاع الأسعار.. وندعو الحكومة إلى أن تظل عيونها مفتوحة مثل «الريال أبوعشرين» رغم أنه الآن خارج دائرة التداول، لأن غض الطرف أو إغماض العينين، يعني الفوضى في الأسواق.. والأخلاق.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]