الطاهر ساتي

يتكالبون … ( تنطعاً)

[JUSTIFY]
يتكالبون … ( تنطعاً)

:: لمن يتكالبون على إنتخابات الاتحاد المهنية بغرض تواصل سيطرتهم على مقاعدها، نهديهم قصة ( فرسان عمر)..بعد إنتصارهم على الفرس، عاد الجيش فرحاً إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه..وكان الجندي منهم يقدل مزهوا بالنصر الذي تحقق.. إصطفوا أمام أميرهم بملابس فاخرة جلبوها من بلاد فارس..ظنوا أن الفاروق سوف يفرح بلقائهم ويجزل لهم الشكر والعطاء نظير الفداء والإنتصار، و هذا ما إعتادوا عليه في مواقف كهذه..ولكن خاب ظنهم، إذ فأجاهم الفاروق بمشاعر أخرى ..لقد أدار عنهم وجهه، ولم يهتم بهم ..!!

:: فاللقاء كان صادماً.. مشاعر الفاروق لم تكن هي تلك التي التي ظلت تلتقيهم بالفرح والثناء .. فظهرت الدهشة على وجوههم، وبعض الحزن كذلك..ثم أسرعوا الخطى إلى ابنه عبد الله رضي الله عنه، وسألوه : ( لقد أدار أمير المؤمنين وجهه عنا، ولم يهتم بأحد منا، فما سبب هذا الجفاء بعد ما قدمناه من تضحية وفداء في بلاد فارس؟).. ولأن عبد الله بن عمر نشأ في بيت أبيه ويقرأ أفكار أبيه، نظر إلى ملابس الجند الفاخرة ، ثم خاطبهم قائلاً : ( إن أمير المؤمنين رأى عليكم لباساً لم يلبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا الخليفة أبوبكر الصديق رضي الله عنه)..!!

:: لم يجادلوه، بل هرول الجند إلى بيوتهم..وبدلوا ثياب فارس الفاخرة بثيابهم المتواضعة..وأودعوا الثياب الفاخرة في بيت مال المسلمين..ثم عادوا وإصطفوا أمام الفاروق رضي الله عنه..وهنا، فرح الفاروق وأحسن إستقبالهم..وسلم عليهم، وعانقهم رجلاً رجلاً وكأنه لم يرهم من قبل..فوضعوا بين يديه غنائم المعركة، ومنها (الخبيص)..وهو طعام مكوناته السمن والتمر..مد الفاروق يده إلى الخبيص وتذوق طعمه، وإذا به حلو المذاق، فأمر بتوزيعه إلى أبناء الشهداء..ثم غادرهم.. وأدمعت مقل الجيش وهي تحدق في ثياب أمير المؤمنين .. كانت بها أكثر من (رُقعة) ..!!

** تلك حكاية مضت بزمانها وفرسانها، ليبقى المغزى شاهدا على صفات المخلصين..معنى أن يكون الرجل مٌخلصا لحد قتال الفرس وفتح بلاد فارس، لايعني – بأي حال من الأحوال – أن تمتد يده إلى الحق العام (مالاً كان أو ملابساً)، بحيث يحوله إلى (حق خاص).. ولو كان الأمر كذلك، لما أعاد جيش المسلمين ملابس بلاد فارس الفاخرة، والتي أخذوها عنوة وإقتداراً من جيش الفرس، إلى (الخزينة العامة)، ليتم توزيعها – لكل الناس – بقسط الحق وميزان العدل..!!

:: وأن يكون المرء نافذاً في قومه، لا يعني – بآي حال من الأحوال – أن يتميز عن أفراد شعبه وقومه ورعيته بمزايا هي في الأصل (ملك عام)، ويجب أن تنالها عامة الناس بقسط الحق وميزان العدل..ولو كان الأمر كذلك، لما غضب الفاروق على مشهد فرسان رعيته حين دخلوا عليه وعلى أجسادهم ثياب بلاد فارس الفاخرة، ولما نصح إبن عمر رضي الله عنهما الفرسان بأن تكون هيئتهم وملابسهم كما هيئة وملابس عامة الناس لحين توزيع الغنائم – بما فيها الملابس الفاخرة – لكل الرعية..!!

:: فالأخيار والفرسان والأبرار، في أي زمان ومكان، هم الذين يتقدمون (صف العطاء)، ثم بعد ذلك يستديروا إلى وراء قومهم بحيث يكونوا في مؤخرة (صف الغنائم)، أموالاً كانت تلك الغنائم أو (مناصبا)..أوهذا هو المعنى الحقيقي لأن يكون المرء في شعبه ( قدوة حسنة)، حسب التعريف السياسي المعاصر لأي (زمان ومكان).. فالإخلاص للوطن شئ، والتنطع – بغرض إحتكار الحق العام – شئ آخر.. وما يحدث في انتخابات الاتحادات نوع من ( التنطع)..!!
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]