مصطفى أبو العزائم

لا سلطة.. ولا حاجة ..!


[JUSTIFY]
لا سلطة.. ولا حاجة ..!

العنوان أعلاه، دارج، وقد جاء رداً على أحد المهتمين بأمور السياسة والحكم، وكان اللقاء مصادفة في مناسبة اجتماعية، ودار الحديث -كالمعتاد- في شؤون الحكم، ومواقف المعارضة، وعجز الولايات والمحليات من مواجهة فصل الخريف، برغم أن الخريف غير مفاجيء، اضافة الى غول الغلاء الذي أخذ يلتهم الدخول جنيهاً جنيهاً، ويتجاوزها للمدخرات من مال قليل، أو ذهب (أصفر) ثم الاحتفاظ به لليوم (الاغبر).

سألني الرجل بغضب عن دور الصحافة والاعلام في هذا الذي يحدث، واتهمني وكل قبيلة الاعلام بعدم القدرة على انتزاع حقوق المواطن (المسكين) من السلطة أو الحكومة، رغم أننا – وفق ما قال- (سلطة رابعة).!

لم أجار الرجل في انفعاله، وقلت له: «بالمناسبة، نحن لا سلطة.. ولا حاجة»، وزدت على ذلك بأن اقصى ما نتمناه، هو أن نستطيع التعبير عن حركة هذا المجتمع، فالحراك المجتمعي ضخم وكبير، لا يعبر عنه شخص واحد، ولا يسجله قلم بعينه.

أما بخصوص السلطة الرابعة (المزعومة) فقد قلت للرجل الثائر، والمنفعل، أن صاحب أية سلطة في الدنيا، تكون لديه دائماً أدوات لتنفيذ ما يريد، ولا يملك الأدوات والوسائل الملزمة للتنفيذ إلا الحكومات، من خلال القوانين أو الآليات المعروفة، التي تبدأ من أعلى هرم السلطة، إلى أدنى درجاتها، حيث يتم إتخاذ القرار بـ(جرة قلم).

بعدها عدتُ إلى نفسي، أراجع ما يريده الناس من الصحافة، وما يريده الصحفيون من الحكومة.. والحكومة من الاعلام، وهكذا، وتيقنت تماماً بأن الصحافة (لا سلطة.. ولا حاجة) مثلما قلت للرجل الذي رأى فيها مخلصاً من كل ضيق، ومدخلاً لكل فرج.

وعدتُ لمصطلح (السلطة الرابعة) الذي أصبح يستخدم خطأ ليس في السودان وحده، بل في كثير من أقطار الدنيا، ويتم تفسيره بأنه سلطة قائمة وموازية للسلطات الدستورية الثلاث المعروفة في هياكل الدول، وهي التشريعية والتنفيذية والقضائية، وأصل التسمية واطلاق صفة (السلطة) لم يكن في البداية كذلك، فالسلطة المعنية كانت هي القوة التي تؤثر في الشعب، وتعادل أو تفوق قوة الحكومة.

ذلك هو المعنى الحقيقي للسلطة الرابعة، حسبما اتفق عليه علماء الاجتماع والسياسة والادارة، بعد جدل واسع حول من هو أول من أطلق هذا المصطلح وأشهره (؟!)، وقد توافق الجميع على أن المؤرخ الاسكتلندي «توماس كاريل» هو أول من قام باشهار المصطلح، من خلال أحد كتبه الذي صدر عام 1481م، وحمل اسم «الابطال وعبادة الأبطال»، وقد اقتبس فيه بعض أفكار وآراء المفكر الايرلندي (ادمون بيرك) التي اوضح من خلالها أن هناك ثلاثة أحزاب تحكم البلاد، هي ما يمكن أن نسميه (طبقات) وقصد بها رجال الدين، والنبلاء والعوام، وقد قال إن الصحفيين هم الحزب الرابع الاكثر تأثيراً من كل الأحزاب.. وهم السلطة الرابعة.

أول من استخدم مصطلح (السلطة الرابعة) تاريخياً كما يقول بعض المختصين، هو الروائي الانجليزي «هنري فيلدنج» عام 2571م.

نحن نعيش وهماً كبيراً اسمه (السلطة الرابعة) ونقصد بذلك الصحافة، ونحن نعرف أن ذلك غير صحيح، لكن ذلك المفهوم الخاطيء للتسمية ساد بعد أن تم استخدامه بصورة مكثفة ومنسجمة مع الطفرة الصحفية العالمية في القرن التاسع عشر، وتزايد استخدامه بعد اتساع شبكة وسائل الاتصال الجماهيري، حتى عصر ما يمكن أن نسميه الآن بالاعلام الاجتماعي، الذي انتظم العالم بعد ثورة الاتصالات الكبرى التي أخذت تغيِّر في المفاهيم والأفكار والمعتقدات والأذواق.. والسلوك.
[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]