عبد الجليل سليمان

منوعة “الشفيع” ومنوعاتنا


[JUSTIFY]
منوعة “الشفيع” ومنوعاتنا

في حوار (طفيف)، بمعنى (خفيف)، (عدد أمس الخميس)، أجرته الزميلة المستقلة مع مدير البرامج بفضائية النيل الأزرق (الشفيع عبد العزيز)، أجاب عن سؤالها حول جنوح فضائيته إلى برامج المنوعات على حساب البرامج الأخرى، ربما (السياسية والأخبارية والوثائقية)، وهلم جرا.. أجاب الشفيع بطريقة غامضة ومبهمة وملتوية، بأن فضائيته ليست مخصصة للمنوعات، وإنما هي (منوعة).

أعادتني تلك الإجابة الغائمة العائمة إلى جدل قديم متجدد، حول المعنى الدقيق لمصطلح (منوعات) ذي الصلة بالعمل الصحفي بكافة مستوياته وتجلياته، ومع الأخذ في الاعتبار أن طبيعة الحوار (مع الشفيع) المشار إليه جاءت على نسق الدردشة، إلاّ أن ذلك لا يعفيه من الهروب من تعريف فضائيته بأنها قناة منوعات، بطريقة توحي وكأنها (أي المنوعات) سُبة ينبغي نفيها، أو هكذا بدا لي الأمر.

وبصفتي أحد الصحفيين الناشطين في هذا الفضاء (المنوعاتي) البديع عبر عديد الصحف الخرطومية، لم أستسغ هذا (الهروب) خاصة وأنه توسل إليه بجملةٍ بدت لي، وكأن فيها نوعاً مما نسميه شعبياً بـ (الخُلعة)، بيد أن (خلعة الشفيع) لم تكن مبررة، فجاءت كما يلي (يا زول شوف، النيل الأزرق كل شيء فيها، ما قناة منوعات، النيل الأزرق قناة منوعة)، فما الفرق بالله عليكم بين (منوعات ومنوعة) غير ما يشبه صيغتي (الجمع والمفرد).

كأني بالـ(شفيع) وهو يرمي بإجابته، كأني به يدس وجهه بين يديه، خشية أن توصف قناته بأنها قناة (منوعات)، ويا للهول؟

بالتأكيد، إن الشفيع، لولا (الحياء) الذي سربله تلك اللحظة، لكان بمقدورة، وهو أهل لذلك أن يجيب إجابة دقيقة، حتى ولو كان الحوار الذي كان منخرطاً فيه (محض دردشة)، كان يمكنه أن يقول لمحاوره مثلاً: إذا كنت تقصد بالمنوعات تلك الكتابات الصحفية، أو البث الإذاعي أو العرض التلفزيوني لموضوعات متعددة اجتماعية، فنية، توثيقية، وسياسية، فنحن كذلك.

على كلٍّ، قناة النيل الأزرق، (زاغ) الشفيع أم لم (يزغ)، هي قناة منوعات بامتياز، وهذا هو سبب نجاحها وتصدرها المشهد التلفزيوني السوداني (الركيك والشحيح والمدقع)، ولو لم تكن كذلك لهبطت (بممسود النواشر فجأة)، ولأصبحت مثل التلفزيون القومي، لا تُشاهد إلا إذ أضل الريموت الفضاء فوقع عليها.

وبهذه المناسبة السعيدة، أود التنويه إلى أن ملفات المنوعات (المُكربة) في الصحف اليومية، هي التي ظلت تُحدث الفارق بين صحيفة وأخرى، حتى اقتفت أثرها التقارير السياسية والتحقيقات وبقية الأنماط الأخرى، كي تنهض من جمودها التقليدي وأصبحت خفيفة ورشيقة وممتعة بعد أن لبست ثوب المنوعات القشيب. فلا تهربن أيها (الشفيع) من منوعاتنا إلى (منوعتك) فـ (فتدق الدلجة).

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي