عبد الجليل سليمان

كمال رزق.. والمعارضة والجوعى

[JUSTIFY]
كمال رزق.. والمعارضة والجوعى

ثمة أمور يظنها السياسيون عاجلة ومُلحة أكثر من غيرها، الإعلام أيضاً يراها كذلك، فينخرط فيها، صاعداً بها إلى أعلى، بينما تتسرب الأخبار العاجلة الحقيقية من بين أصابعه، كما تتسرب القضايا الحقيقية من بين (أكمام) الحكومة.

أهم وأعظم خبر هذه الأيام هو ارتفاع الأسعار بشكل جنوني حتى لم يعد المواطن قادراً على شراء احتياجاته الأساسية، وصار عاجزاً ومشلولاً عن الإيفاء بـ(قفة ملاحه) في أدنى مستوياتها، وبالتالي لم يعد مؤهلاً للاستماع، دعك من الاستمتاع بترف السياسيين في (7+7) أو (باريس) أو (برلين)، لذلك فإن الأخبار التي تأتي من لدن تلكم الجهات تتعرض لبوار عظيم، لا أحد يقرأها ولا أحد يعيرها اهتماماً، ومن يريدنا أن نقيم دليلاً على ما ذهبنا إليه فلينضم إلي في جولة استطلاعية نسأل الناس عما يهمهم من أخبار الصحف.!

كي تكتشف هل هذا الخبر عظيم أم لا.؟ فما عليك إلا أن تنظر إذا ما كانت اتفقت حوله المعارضة والحكومة ورجال الدين، فهؤلاء لا يتفقون أبداً، لكن أول أمس وبالتزامن مع تحذير قوى الإجماع الوطني (معارضة) مما أسمته بثورة الجياع، طالب إمام مسجد الخرطوم العتيق “كمال رزق” (رجل دين) الحكومة بإنزال الجيش لضبط انفلات الأسعار، وقال إنه يرى ناراً تحت الرماد، وإن على الحكومة التدخل الفوري لإيقاف جشع التجار الذي كاد أن يقضي على الأخضر واليابس بحسب تعبيره.

هذا هو الخبر، يتفق عليه رجال الدين الموالين للحكومة مع زعماء المعارضة مع الشعب المسحوق، وتصمت عنه الحكومة الموالية للتجار الجشعين، بينما يضعه الإعلام في زوايا خفية، ولا يسلط عليه الضوء إلاّ بمقدار شحيح، بحيث يظل معظمه في الظلام.

الآن، لن تكون هنالك قيمة لأية تسويات أو اتفاقيات سياسية، ما لم تتم تسوية أمر ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، ولن يكون للمواطن المسحوق خبراً أهم من هذا الخبر، وها أنا أُبلغ، وقد أعذر من أنذر.
[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي