عبد اللطيف البوني

ان في الأمر عجباً


[ALIGN=CENTER]ان في الأمر عجباً[/ALIGN] الخلافات بين الشريكين أصبحت من ثوابت حياتنا السياسية الآنية والكتابة عنها قد تسبب الملل، لكن لا يمكن لمنشغل بالهم العام ان يتجاوزها لانها تؤثر على كل حاضر ومستقبل البلاد، فحديثاً اختلفا على نتيجة التعداد وعلى القانون الجنائي وعلى قانون الصحافة والخلاف القادم على تقسيم الدوائر والسجل الانتخابي وتقسيم الحدود وكل ما يوضع على طاولة التشريع، عليه فانعدام الثقة هو الباعث على هذه الخلافات والمشاكسات.
تراكم الخلافات يعطينا القدرة على استخلاص بعض القواعد منها، فالملاحظ ان الشراكة لا تتوافر في البدايات التي تقول بها الاتفاقية بمعنى ان المؤتمر الوطني يقوم بصياغة المشروع ثم يقدمه للحركة فترفضه ثم تتم المباصرة (يفتح الله يستر الله) لا بل أحيانا تتم عمليات مقايضة انت اتنازل هنا وانا اتنازل هناك، مع ان الأصل في الأشياء ان يعمل الطرفان (من قولة تيت) الى ان يستوي الامر على سوقه ويولد متفقاً عليه فلا أدري لماذا استمرأ الوطني عملية القيام بالشغلانة واستمرأت الحركة عملية الانتظار في الرصيف وحق الاعتراض؟
محطة الخلاف التي تلوح في الافق الآن قانون تقرير المصير وكالعادة قام (ناس المؤتمر) بصياغة المسودة وتقديمها للآخرين وكالعادة رفضت الحركة ما قدمه المؤتمر وعرضت بضاعتها وبعد قليل سوف تتم عملية المباصرة ويجاز القانون بعد انفاق وقت وجهد وادبيات مشاكسة جديدة، المعلومات التي لدينا تقول ان مشروع قانون تقرير المصير يتكون من عدة بنود لعل الرئيسية منها الاجابة على السؤال من هو الجنوبي؟ ثم من يحق له التصويت على تقرير المصير؟ ثم كيف تتم عملية الاقتراع؟
من هو الجنوبي أمر من السهولة الاجابة عليه، فتضافر الجغرافيا مع العنصر يمكنان من الاجابة فأي انسان مولود في الجنوب أو من أبوين جنوبيين حتى ولو كان مولودًا في امريكا فهو جنوبي، ومن حسن الحظ ان ارادة المولى قد حبت الجنوبيين بخصائص تميزهم على باقي السودانيين، وبهذه المناسبة اذكر اننا عندما اردنا استخراج الجنسية لامتحان الشهادة السودانية في مطلع السبعينات من القرن الماضي كنا نقف في الصف وكان الصف طويلاً وكان شهودنا يقفون بالقرب منا فجاء ضابط شرطة (تفتيحة) وفي دقيقتين أخرج الجنوبيين من الصف واحداً واحداً وهو يقول (دا ما دينكاوي، انت ما شلكاوي، دي ما شلوخ نوير) فأدخلهم التحري وبدون شهود.
أما من يحق له التصويت في حق تقرير المصير، فالمسودة التي قدمها الوطني تقول أي جنوبي في أي مكان في الدنيا شمال السودان أم شمال امريكا أو شمال أوروبا يحق له ان يختار بين بقاء الجنوب ضمن حدود السودان الحالية أو قيام دولة مستقلة، ويقال والعهدة على الراوي ان الحركة ترى ان يكون التصويت من حق الجنوبيين الذين يقيمون في الجنوب فقط، بعبارة اخرى لا يحق للجنوبيين المقيمين في الشمال أو غيره التصويت. بالطبع اذا قالت الحركة هذا تكون قد أتت أمراً غريباً، فالحركة التي أقامت الدنيا على التعداد لأنه في رأيها انتقص عدد الجنوبيين في الشمال، الحركة التي أقامت ست وعشرين ندوة في مناطق تجمع الجنوبيين في العاصمة بمناسبة عيدها السادس والعشرين، الحركة التي تقول انها سوف تكتسح دوائر العاصمة بهؤلاء النازحين تقول الآن انه لا يحق لهم التصويت على تقرير المصير؟؟؟ اذا كانت الحركة تريد حرمان هؤلاء من التصويت فالأفضل ان تجري كل عملية تقرير المصير في مكاتبها وتعلن النتيجة.

صحيفة الرأي العام – حاطب ليل
العدد(22692) بتاريخ 17 /6/2009)
aalbony@yahoo.com