هل تكون الانتخابات ؟
منذ انفصال الجنوب في عام 2011 ظلت بلادنا تعيش في وضع انتقالي وظل الناس في انتظار وضع سياسي جديد يتناسب مع المتغير الكبير الذي حدث بانفصال الجنوب فمن غير المعقول أن تمضي الأمور على ما هي عليه والبلاد تفقد ثلث أرضها وسكانها وثرواتها المطمورة ومشكلاتها كذلك . من غير المعقول أن يذهب الجنوب بعد أكثر من نصف قرن من الحرب الأهلية ثم يظهر جنوب جديد وتندلع الحرب الأهلية لكي تستمر هي الأخرى نصف قرن آخر ؟
ربما كان لأحداث المنطقة فيما اصطلح عليه بثورات الربيع العربي المجهضة وتسارعها في مصر وليبيا على وجه الخصوص ثم الأحداث داخل البلاد كاندلاع الحرب مرة أخرى ثم الحرب الأهلية المدمرة في دولة جنوب السودان لفت نظر الناس عن الفراغ الكائن ثم الحراك السياسي الداخلي من تشققات في الحزب الحاكم ثم خطاب الوثبة في يناير إلى دائرة مستديرة في يوليو ثم إعلان باريس فهذا الحراك أسهم هو الآخر جزئياً في ملئ ذلك الفراغ . لايلوح في الأفق ما يشي أن هناك توافقاً سياسياً سوف يحدث في البلاد لكي ينهي الاستقطاب ويفك الاحتقان الحادث الآن
أغلب الظن أن الحكومة في الأسابيع القليلة القادمة سوف تلجأ للانتخابات لشغل الفراغ السياسي وقد ظهرت بوادر هذا الأمر وقد كان الترابي أول من صرح بأن فراغاً دستورياً سوف يحدث إذا لم تقم الانتخابات في موعدها في 2015 هنا نغض الطرف عن هدف الترابي من هذا التصريح ولكن من آثاره إعادة تشكيل مفوضية الانتخابات وإسناد رئاستها للبروف الصم وبداية عملها الروتيني ثم تصريح السيد رئيس الجمهورية بأن حزب المؤتمر لم يتحدث في يوم من الأيام عن تأجيل الانتخابات ثم الإعلان عن قيام المؤتمر العام لحزب المؤتمر الوطني في موعده في أكتوبر لاختيار مرشحيه لرئسة الجمهورية وولاة الولايات.
إذن أصبحت الانتخابات هي الخطة (ب) للمؤتمر الوطني في حالة عدم حدوث تقدم في الحوار الوطني المتعثر. المعارضة بكافة أشكالها المدنية والمسلحة أعلنت رفضها للانتخابات في ظل الوضع الحالي ومن المؤكد أنها لن تقف مكتوفة الأيدي وتتفرج عليها إذا قامت . سوف تسعى بكل ما أوتيت من قوة أن تجعل من الانتخابات فرصة لتغيير النظام بعبارة أخرى سوف تتحول مناسبة الانتخابات وما تحدثه من حراك إلى الخطة (ب) للمعارضة هي الأخرى وبصورة تلقائية.
العالم من حولنا وتحديداً الإقليم سيكون له دور كبير فيما سيجري في البلاد حول الانتخابات فإن كان هناك قبول دولي للانتخابات التي جرت في عام 2010 رغم أنها كانت أحادية فإن ذلك يرجع لأن هناك صفقة بأن تكون الانتخابات مقابل استفتاء فصل الجنوب في 2011 لذلك وصفها مركز كارتر بأنها لا تفي بالمعايير الدولية ولكنها تلبي المطلوب فانتخابات 2015 المتوقعة ليس فيها صفقة تمنحها الغطاء الدولي المطلوب
ولكل ما تقدم من قراءة فإننا نتكهن بأن هذه الانتخابات لن تكون حدثاً روتينياً عادياً لتداول السلطة أو حتى لاقتسامها كما يحدث في كل بلاد الدنيا التي تشهد انتخابات دورية فالحكومة سوف تسعى لتثبيت نفسها بعد الإجهاز على معارضيها بالضربة القاضية والمعارضة سوف تحاول اقتلاع الحكومة بمناسبة ذات الانتخابات وربنا يكون في عون هذه البلاد ويكضب الشينة.
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]