عبد الجليل سليمان

الشيوعي والإصلاح


[JUSTIFY]
الشيوعي والإصلاح

ستشعر بالدوار والغثيان، وأنت تُطالع البيان المُشترك الصادر السبت (23 أغسطس)، عن (الحزب الشيوعي وحركة الإصلاح الآن). مصدر هذا الدوار والغثيان، هو ذلك التعويل الكبير الذي أوليته يا سيدي على اقتراب اليمين من اليسار، يتزلفان حداً أدنى من التفاهمات حول إيجاد مُعادلة، أو صيغة لتوافقٍ وطني، ربما يتوسمان/ بمعنى يأملان، فيه حلاً لمُشكلات السودان المُزمنة. لكنك لما حضرت (البيان المشترك) لم تجد عنده شيئاً مما كنت تأمل.

جاء البيان (المشترك) غارقاً في التقليدية، حالماً، يغدقك برومانسية رائعة، حتى خِلته كُتب على أوراقٍ منزوعة من دفاتر (الحب القديمة) التي تتزين زواياها بورودٍ وقلوبٍ تخترقها أسهم (كيوبيد)، وإلاّ فما معنى أن يضع البيان عبارة (أن هنالك فرصة تاريخية لتوافق وطني جامع) كبند أول، ثم يعقبها بعبارة (إن الحوار الجاد هو أفضل الحلول لمشكلات السودان على أن تتوفر له المطلوبات الأساسية).

هذه عبارات عفا عليها الدهر، وغادرتها لغة العمل السياسي منذ زمن ضارب في (الزُرقة والارتحال)، لكنك، نحِّها جانباً يا سيدي ثم غُض في التفاصيل، تجد عندها: “إطلاق الحريات السياسية ووقف الحرب مع إطلاق سراح جميع المعتقلين والمحكومين سياسياً وإلغاء القوانين المُقيدة للحريات”، و”الحوار يجب أن يكون شاملاً غير إقصائي ولا ثنائي يقود لحل المشكلات السودانية وليس لقسمة السلطة”، و”عقد اجتماع مُوسع لكل القوى المُعارضة لتوحيد أسس وضع الانتقال ومُستقبل حكم السودان”، وأخيراً “نادى الطرفان بضرورة إطلاق سراح إبراهيم الشيخ ومريم الصادق المهدي”.

هذا هو البيان الذي (قعد) له الطرفان (قعدة مُضرية)، تحت رئاسة غازي صلاح الدين العتباني وصديق يوسف.

طيّب، أيها اليمينيون (المتزمتون) واليساريون (المتطرفون)، كما كان يسميكم (إبراهيم الشيخ)، ما الجديد في (بيانكم)؟

قد يقول قائل منكم، وما هو الجديد الذي تُريد؟ وهنا لا أملك غير أن أرد بصوت خفيض لكنه متماسك، لا شيء، فاجتماعكم وحده كافٍ، لكننا لم نكن “نأمل أن تحف به الملائكة وتغشاه الرحمة” إلى هذا الحد، وطالما حدث هذا، فاصعدوا إلى سماواتكم واتركوا للشعب أرضه، فكلكم تسعون للسلطة والثروة، وإلاّ فهذا بيان إذا ما تأملته فلن تندم عندما تقول عنه أن لا يساوي (الحبر) الذي كتب به.
[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي