عبد اللطيف البوني

الجنوب القادم


[JUSTIFY]
الجنوب القادم

كان واضحا أن حرب الجنوب الاهلية سوف تنعكس على السودان بصورة مباشرة وبأعجل ما تيسر ولكن العلاقة السابقة بين السودان ودولة جنوب السودان صنعت توجسا وحذرا مبررا جعلت السودان اقرب للمتفرج ولو من ناحية ظاهرية فقط فمشاكل السودان وقضاياه العالقة مع دولة الجنوب شكلت ذلك الحذر المشار اليه ولكن كان واضحا أن السودان لن يستطيع أن (يصم خشمه) و(يعاين بعيونه فقط ) فالنار التي شبت في الجنوب سوف لن تحرق اطراف السودان بل تحرق جوفه اذا تطاولت ولم يدركها مدرك .
يتضح الحذر السوداني تجاه ما جرى ويجري في الجنوب في أن السودان اعلن بأنه سوف يعمل من خلال منظومة الايقاد ولن يتحرك بمفرده حتى رفض السودان للوجود العسكري اليوغندي المباشر في دولة الجنوب جاء ضمن رفض الايقاد ثم اعلن السودان تأييده للشرعية في الجنوب ورفض استقبال زعيم التمرد رياك مشار كذا مرة وساعد على ذلك أن مجموعة مشار كانت تضم كل المناوئين للخرطوم باقان اموم ودينق الور وادوارد لينو، واشدهم عداء ومفجر حرب هجليج كأول حرب مباشرة بين البلدين ووالي ولاية الوحدة تبعان دينق.
تلاحق التطورات حتما سوف يجعل السودان يتحسس حياديته تجاه دولة الجنوب ولعل اولها سفور الموقف اليوغندي في التدخل في الجنوب لدرجة قول سلفاكير انه لولا الجيش اليوغندي لعمت الفوضى الجنوب طبعا يقصد أن المتمردين سوف يستلمون الحكم التدخل اليوغندي اجبر قوات الجبهة الثورية على الدخول في الحرب إلى جانب الجيش الشعبي جيش سلفاكير- وعلى الصعيد السياسي استطاعت يوغندا إبعاد اولاد قرنق عن رياك مشار فأعلنوا انهم طرف ثالث لا مع سلفاكير ولا مع رياك مشار ولن نستبعد انضمامهم لسلفاكير اذا ضمنوا ازاحته لاحقا كما أن يوغندا استطاعت بما لديها من نفوذ انقاذ سلفاكير من العزلة الدولية.
كل الدلائل تشير إلى أن رياح التغيير في الجنوب لن تهب في اشرعة الخرطوم انما ستكون خصما عليها والحال هكذا بدأت الخرطوم في اظهار قدرتها واعلان أن حيادها لن يكون للابد فاستقبلت رياك مشار وزوجته التي قالت إن الخرطوم هي التي تمسك بأقدار دولة الجنوب وكان في رفقة مشار تعبان دينق الذي يبدو انه انحاز للقبيلة وركل الايديولوجية ومرارته الخاصة تجاه الشمال سابقا والسودان حاليا.
اتهمت جوبا الخرطوم بدعم قوات رياك مشار ولكن الخرطوم نفت ذلك كما اتهمت دولة الجنوب بدعم الجبهة الثورية ثم الاستعانة بها في حربها ضد مشار. وبدأ التصعيد بين البلدين يظهر في ابيي فزيارة امبيكي الحالية للجنوب استلم عدة عرائض من اولاد ابيي ضد الخرطوم لا بل قالوا إن حكومة سلفاكير سوف تعترف قريبا باستفتائهم من جانب واحد الذي اجروه في العام الماضي. حتى الآن شعرة معاوية ما زالت ممدودة بين الخرطوم وجوبا ولكن كل الدلائل تشير إلى أن هذه الشعرة لن تستمر طويلا واذا لم يحدث انفراج في اوضاع الجنوب سوف تنقطع هذه الشعرة وساعتها سوف تتأزم العلاقة بين الجارين لدرجة الكوماج المباشر لا سمح الله-
في تقديري أن تفجر الاوضاع المتوقع بين البلدين سيكون في اطار مخطط يستهدف نظام السودان او نظام الجنوب او البلدين معا، بعبارة اخرى إن تأزم الاوضاع بين البلدين اصبح رصيدا لمتغيرات قادمة وسيكون خيطا من خيوط الشبكة التي تنسجها العنكبوت الآن حول السودان فمن هي هذه العنكبوت؟ وماذا تريد؟ وهل من سبيل لقطع خيطها الواهن؟ اللهم احفظ اهل السودانين الاتنين- والاتنين الليلة وين ؟
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]