الطاهر ساتي
إرادتهم سر إبتسامتهم ..!!
** و محمد هذا في العقد الثالث من عمره ، بيد أن أثقال الحياة عليه تتجلى في نحول جسده وشيب رأسه ، ومع ذلك يضحك ويبتسم ويتحدى عاهتي الصم والبكم ، وأهات الحياة ومطالب الزغب الصغار ، أشقاء وأبناء ..زارني برفقة بعض أصدقائه الذي هم أيضا من ذوي الإحتياجات الخاصة ، راجيا عرض حاله ، عسى ولعل يجد ملاذا يقي أسرته من متاعب بيوت الإيجار .. محلية المناقل صدقت له بقطعة أرض ، وتحت سطر التصديق كتب المعتمد : حسب الأسس .. أي ، اللوائح .. واللوائح تقتضي أن يدفع محمد « 5 آلاف جنيه » .. وهو لم يكن يملك عند تقديم الطلب قبل نصف عام غير « 2 ألف جنيه » .. واليوم لم يعد يملك غير « خمسمائة جنيه » .. حيث صرف ما كان مدخرا في مجابهة ظروف العيش واحتياجات الأبناء والاشقاء في عامهم الدراسي المرتقب .. خاطب المحلية هناك راجيا الإعفاء أو التخفيض أو التقسيط المريح .. ولكن اللوائح أو الأسس ، كما أسماها المعتمد ، تحول دون ذلك .. !!
** بالتأكيد نحترم اللوائح التى بموجبها ينال المواطن قطعة أرض بالمناقل و بكل السودان ، ولكن يمكن ترويض تلك اللوائح في حال أن يكون مقدم الطلب مواطنا من ذوي الاحتياجات الخاصة ، أصم وأبكم ، وكذلك مثقل بتربية وتعليم أشقاء وأبناء – حفظهم الله – بما ينعم الله عليه من رزق اليوم باليوم « بائع متجول » .. اللوائح ، وهي ليست منزلة من السماء ، يمكن ترويضها بحيث تسهل لمحمد – وغيره من ذوي الاحتياجات الخاصة – امتلاك أربعمائة متر مربع أو نصفها خصما من « المليون ميل مربع » .. محلية المناقل عجزت عن ترويض تلك اللوائح ، وهي حرة ، لو كانت الإنسانية تهدى لأهديناها ، ولو كانت تلقن للقناها ، ولكنها تنبع من القلوب ، أي هي قسمة ونصيب .. ولحين تنبع الانسانية هناك ، سيظل أملنا في الله عظيما وقويا بأن يسخر بعضا من عباده ليساهم في تسديد رسوم تلك القطعة « 5 آلاف جنيه » .. وشكرا للأخ الأستاذ أنور التكينة ، مدير العلاقات العامة بالصحيفة ، على استقبال المساهمة ..« 0912330909 » .. !!
** أشرف والباقر ، في منتصف العقد الثاني عمرا ، أحدهما من أمدرمان والآخر من الحصاحيصا ، رافقا محمد في زيارته بنية المؤازرة ..لغة الإشارة بينهما كانت بمثابة ثرثرة عند الآخرين ، وكانا يتبعانها بين الحين والآخر بضحكة أو إبتسامة .. بعد انتهاء حواري مع محمد ، والذي وضح فيه بأن سر احتراف الصم والبكم لبيع الادوات الكهربائة مرده سهولة التفاوض مع الزبون وكذلك بعض التجار يمدونهم بمعدات ذات أسعار معقولة وتسهيل في السداد وووو ..تحدثنا كثيرا ، بالقلم والورق ..وكتبت له سائلا : أشرف والباقر بتثرثروا في شنو ..؟.. فضحك ونقل لهما سؤالي بلغة الإشارة ، فضحكا ، ورد عليه الباقر بذات اللغة ، فترجمها لي محمد في ذات الورقة : بيحبو الكورة و هسة متشاكلين فى مبارة الليلة البين مصر والبرازيل قبل ما تبدأ .. وابتسمنا جميعا قبل مغادرتهم ..وهكذا الحياة ، بالإرادة الباسمة تقهر عاهاتها وآهاتها ..!!
إليكم – الصحافة الخميس 18/06/2009 العدد 5739
الاميل :tahersati@hotmail.com