وزارة التربية والتعليم.. إلى الخلف دُر
قبل نحو أربع سنوات، ابتدرت بتكليف من رئيس تحرير (حكايات) الأستاذ (وجدي الكردي)، حيثُ كنتُ أعمل حينها، تحرير صفحةٍ أسبوعية تحت اسم (أولاد المدارس)، تُناقش وترصد وتستعرض قضايا التعليم المختلفة، وحققت هذه الخِدمة الصحفيِّة نجاحاً باهراً، ووجدت إشادات كبيرة من المعلمين، والتلاميذ وأولياء أمورهم، فقررت أن أمضى خطوة أخرى في سبيل تطويرها وأضيف عليها بُعداً آخر (توثيقي) يستهدف المدارس العريقة (القديمة) يستعرض نشأتها ومسيرة تطورها ويسلط الضوء على أهم (الشخصيات) التي درست فيها، وما إلى ذلك من معلومات تثري المادة التوثيقية وتجعلها مبهرة.
لكنني للأسف، فوجئت بإدارات المدارس تطلب مني موافقة مكتوبة من قبل الوزارة، لأن لديها توجيهات صارمة بعدم استقبال الصحفيين ومنعهم من التصوير والتوثيق، حال لم (يحوزوا) على موافقة التربية والتعليم,
قلت حسناً، ثم حفيت قدماي، ولم أظفر بأي موافقة، فقررت إنجاز المهمة بمعرفتي، طالما أنها لا تتعارض مع القوانين والدستور و(الشرع الحنيف)، ولا تهدد الأمن القومي، فطفقت أصور المدارس القديمة من الخارج (اللافتات والبوابات)، ثم أجول في الحي وأطرق أبواب المنازل المجاورة وأبحث عن شخص كبير في السن (رجل أو امرأة) عاصر تاريخ تأسيس المدرسة المعنية، وأنجز مادتي بعيداً عن تعقيدات التربية والتعليم ورغم (أنفها) المانع للتوثيق.
الآن، ها هي الزميلة الأستاذة (زهرة عكاشة) تواجه ذات المعضلة، إذ أن إدارة إحدى المدارس العريقة، طلبت منها خطاب موافقة من الوزارة حتى تتمكن من التوثيق – فأي (وزارة) هذي التي تحرم بدون مبررات منطقية ولا حجج قانونية أجيالاً كاملة من معرفة تاريخ مدارسهم والاحتفاء والفخر بمنجزاتها وعراقتها؟ أي وزارة هذي التي تترك مهامها الرئيسة من تصحيج مناهجها المحتشدة بالأخطاء، وصيانة مدارسها الآيلة للسقوط، وتحسين بيئتها المتردية، وتدريب كوادرها، وتتفرغ لمهام أخرى تخالف طبيعتها وأهدافها في التعليم ونشر المعرفة فتمنعهما وتحجبهما.
هنيئاً للتربية والتعليم، لكن قبل هذه التهنئة، أريد أن أقول لها، حتى المؤسسات العسكرية صارت لا تمنع التصوير ولا التوثيق، فقد وثقنا للمتحف الحربي عندما كان داخل القيادة العامة (البوابة الشمالية)، ولا زلنا نفعل، واسألوا اللواء دكتور/ عمر النور، ومن قبله (العميد حينها) وربما اللواء الآن (عمر دُج).
لكن ماذا نفعل مع وزارة تنصرف دوماً عن مهامها على طريقة (إلى الخلف دُر).
[/JUSTIFY]الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي