مصطفى أبو العزائم

الولولة في موسم الاختيار!


[JUSTIFY]
الولولة في موسم الاختيار!

بعض أحزابنا العتيدة، القديمة التي لم تجدد أفكارها، ولم تعرف مساحيق التجميل السياسي، أصبحت في كل موسم انتخابات عامة تحمل فيها أصوات الناخبين من يختارونهم إلى مفاصل السلطة والبرلمان، أصبحت هذه الأحزاب لا تجيد سوى الولولة الموسمية المرتبطة دائماً بانتخابات تعرف سلفاً أنها لن تأتي بها، لغياب البرنامج، وانحسار التأييد الشعبي، فمزاج الناخب السوداني متقلب ومتغيّر وحاد في كثير من الأحيان، يعرف من يمثله بحق فكراً وممارسة وسلوكاً، مثلما يعرف من يمثل به، ودفاتر التجارب القديمة ليست ببعيدة عن الأيدي، ولا شكل الممارسات بعيد عن الأذهان.

«الولولة» و«الندب» والعويل لن تفيد في ساحات الصراع السياسي، والسلطة ليست (لعبة) في يد الشعب يمنحها لكل من بذل الدموع في سبيلها، أو ناح مطالباً بها دون استحقاقات حقيقية، أو ظل يحلم بها دون أن يبذل جهداً يذكر في التأثير على المواطن واجتذابه للطرح السياسي الخاص بذلك الحزب لتصبح قطاعات كبيرة من المجتمع رصيداً لذلك الحزب.

أحزابنا- وللأسف الشديد- لم تصدر صحفاً يومية مؤثرة، رغم أن الحزب الشيوعي السوداني ظل صامداً بإصدار صحيفة «الميدان» لكن أيام صدورها تقلصت مثل عدد الصفحات، وهناك تجربة صحيفة «رأي الشعب» الناطقة بلسان حزب المؤتمر الشعبي لكنها ولأسباب موضوعية ومقدرة لم تستمر في الصدور، إذ تم إيقافها بقرار، ثم تقرر أن تعاود الصدور لكن ذلك لم يحدث.

بقية الأحزاب الأخرى، التي تدعي أنها «جماهيرية» و«شعبية» ومؤثرة، ليست لديها صحف، بل تعتمد في الإعلان عن نفسها من خلال الأقوال- التصريحات- المثيرة لقياداتها، لا الأفعال، وهذا يحولها إلى أصوات فاقدة، فتتغير صورتها في ذهنية القاريء أو المراقب للشأن العام، من حزب سياسي إلى مجموعة تستكثر السلطة على الغير، وتريد الاستئثار بها وحدها.

تراجع جماهيرية وشعبية بعض الأحزاب، إضافة إلى «ولولتها» الموسمية، جعلها أشبه بالمرأة التي لا تثق بنفسها، إذ ترى أن السعادة المرجوة من السلطة والحكم، ليست من نصيبها، وهي أولى.. وتتأثر لأقل نقد يوجه لها، وتشعر دائماً بأن الفرص التي أتيحت لم تستغل جيداً، ولم ييسر الآخرون الاستفادة منها، لذلك تظل هذه الأحزاب وقياداتها في حالة بين حالتين، فهي أما متسرعة نزقة، أو مترددة جزعة.

كثير من هذه الأحزاب- وللأسف الشديد- تطاردها أخطاء الماضي وثأراته، فتصبح بلا هدف واضح أمام الغير، وهذا ما يجعلها تشعر بعدم الكفاءة والقدرة والجدارة السياسية في أمور تصريف الحكم وإدارة الشأن الحزبي أمام الأحزاب الأخرى الأقوى تنظيماً والأكثر جماهيرية في ساحات العمل العام.

لو كان لهذه الأحزاب ثقة في نفسها، لتجمعت وكونت تحالفاً عريضاً، خاضت به معركة انتزاع أصوات الناخبين، وأدارت حواراً في ما بينها، لتكسب الشارع والسلطة معاً.. ولتحرج الحكومة.. لكن كما نقول دائماً: (مين يقرأ.. ومن يسمع؟) حالة محزنة ووضع مؤسف وصوت طليق.

[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]