مراهقة !!

*و كنت فكرت – بدءاً – في أن أجعل عنوان كلمتي هذه (قطر عجيب) ولكن استهواني العنوان أعلاه..
*فكلا العنوانين – على أية حال – لهما صلة بالذي ألمحت إليه في كلمة قبل أيام بعنوان (قلت أرحل)..
*أما كيف تدل المراهقة – كما القطار- على السفر فهذا ما سيتضح في سياق (سفرتنا) هذي بين السطور..
*كما سيزول كذلك اللبس الناجم عن تساؤل مشروع : أمراهقة في العمر هذا ؟!..
*ورغم أن هناك ما يسمى (مراهقة الكبر) – أو المراهقة المتأخرة – ولكن يظل السؤال مشروعاً أيضاً..
*فمن غير (المنطقي) أن يسافر عبر العيون – كما الشعراء – من يكتب (بالمنطق) في زماننا هذا ..
*زماننا الذي يطالب فيه نواب البرلمان بفرص سفر من أجل (اكتساب الخبرات) مزاحمةً للهاربين بـ(خبراتهم) من جحيم (عدم الكسب!)..
*وبالفعل – حسبما سمعنا – سافرت (دفعة) من نوابنا هؤلاء إلى بيروت لتعلم فنون (الأداء البرلماني!)..
*وهل يحتاج البصم والتهليل و(التصفيق!) – يا حضرات (نوامنا) الكرام – إلى أسفار خارجية لاكتساب الخبرات ؟!..
*ثم ألم تجدوا غير البرلمان اللبناني الذي هو مجلس وطني حقيقي وليس (تكية!) يُتصدق على (نوامها) بما يغنيهم عن مشاق (الكسب)؟!..
*وألم يكن من الأجدى – إن كان لابد – السفر إلى برلمان (حبيبتكم !) ذات السور العظيم حيث لا صوت يعلو صوت (العظيم)؟!..
*المهم (ما بقت عليكم) ، ولنرجع لموضوع كلمتنا هذه الخاص بنوع آخر من أنواع السفر..
*سفر لاكتساب (حق الحياة!) ذاتها وليس اكتساب (حق!!) نثرياته إلى جانب الترفيه ..
*فأحد المعلقين على كلمتنا المذكورة كتب يذكرنا بمقطع لاحق في رائعة وردي يقول فيه التجاني سعيد (رحلت وجيت في بعدك لقيت كل الأرض منفى)..
*ولكن ماذا إن صار الوطن نفسه (نافياً!) إلى حد أن يُصاب المرء فيه بالذي قاله المطرب ذاك خلال لقاء تلفزيوني ؟!..
*فالمطرب هذا كان قد اعتذر عن عدم أداء أكثر من أغنياتٍ ثلاث بسبب ما قال إنها (مراهقة!)..
*قال إنه (مراهق مراهق مراهق) جراء سهر ليالٍ متواصلة لم ينقطع فيها عن الغناء..
*ثم أشار إلى أفراد فرقته الذين كانوا ينظرون إلى الكاميرا بعيون نصف مغمضة وأضاف قائلاً (وديل برضو مراهقين)..
*وكثير من السودانيين هم مرهقون – أو مراهقون على قول المطرب – جراء سهر ربع قرن من الزمان وليس أياماً معدودات..
*وللسبب هذا تكتظ موانينا – الجوية والبحرية والبرية – يومياً بعشرات الملتمسين لـ(الراحة) من عذابات (المراهقة!)..
*ثم نسمع من أحد (مرتاحي الولاية) – من المسؤولين – من يقول عن هجرة الأطباء ما معناه (قطر عجيب!) رغم إنه منهم..
*و(مرتاحون) آخرون يقولون القول هذا نفسه إزاء كل هجرة (مراهقين!) يسمعون بها..
*وكاتب هذه السطور لن يعدم أيضاً – حال سفره – من يصيح (يودي ما يجيب!)..
*أما من كان منكم بلا (مراهقة) فليرمها بحجر (موالاة !)..
*وليسعد بـ(مراهقة) عنوانها (نهدك الما رضع جني)..
*وليكن مسك ختامها المطرب (المراهق!!!).
[/SIZE][/JUSTIFY]
بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الأهرام اليوم
