الطاهر ساتي

إنشاء سياسي ..!!

[JUSTIFY]
إنشاء سياسي ..!!

:: ومن روائع الإبتدائية، قبل أن يتم غزوها بالأساس، كان مدرس العربي يجوّد أخيلة التلاميذ ولغتهم بطرح عنوان ثم الكتابة عنه، وكان يحذر بأ لا نقتبس من كتابات بعضنا..وبهذه الوسيلة، عرفت أجيال ما قبل الغزو الأساسي أن ( إن شاء الله) لا تُكتب ابداً ( إنشاء الله)، وكذلك ميزت الذال عن الزين (كتابة وشفاهة)..وفي ذات حصة – وكان عنونها القمر – أبدع كل الفصل في الغزل الفصيح، إلا أن أحدنا عكر صفو المناخ حين كتب بالعامية : ( النوم تحت القمر بيكسر الجسم وفي الصباح بتقوم تعبان)، فوبخه الأستاذ : ( نوم لينا تحتو يومين واتكسر اقعد في البيت عشان نرتاح منك).. هكذا كانت (حصة الإنشاء)، أخيلة متباينة وأساليب مختلفة، ومراد بها تخصيب خيال التلميذ وتجويد لغته ..!!

:: ويبدوا أن تلك الحصة قد عادت، ولكن ليست إلى فصول مدارسنا، بل إلى دار الحزب الحاكم، فالكادر هناك – كما التلاميذ- يحدث حسب خياله ولغته بلا أي (هارموني)..فالعنوان اليوم هو النشاط الخارجي للإمام الصادق المهدي ولقاءاته بقادة الجبهة الثورية وآخرين..ومن صحف البارحة وما قبلها، نُلخص أخيلة كوادر الحزب الحاكم ولغتها وهي تتحدث عن هذا العنوان السياسي.. فالبروف إبراهيم غندور، نائب رئيس الحزب لشؤون التنظيم، يقول عن العنوان السياسي : ( جولة المهدي الخارجية ولقائه بالمسؤولين أمر يخص المهدي وحزبه، فالمهدي رئيس حزب و قائد سوداني وبالتالي الجولة تخص حزب الأمة)..ممتاز، بغض النظر عن النوايا، فالخيال الدبلوماسي خصب واللغة حكيمة..!!

:: ولكن حول ذات العنوان، إقرأ ما يلي بالنص : (تحركات المهدي الخارجية تزيد من حساب مساءلته داخلياً، وكلما تحرك في الخارج زاد حسابو هنا و سيحاكم)، أوهكذا ملخص إنشاء محمد الحسن الأمين، القيادي بالحزب الحاكم ونائب رئيس البرلمان، حول ذات العنوان.. اعد، خيال غير سياسي ومتطرف وعاجز عن استيعاب مرحلة الحوار وأنشطتها وتحالفاتها، وكذلك اللغة غارقة في عمق الخصام ..ثم قانونياً، ما لم يكن للقانوني محمد الحسن الأمين قانوناً آخر و (خاص بيهو)، تجوال زعماء الأحزاب بأفكارهم وبرامجهم بغرض العرض والحوار في مشارق الأرض ومغاربها ليس بجريمة، بل هذا نوع من النشاط السياسي المشروع لأي حزب و أي سياسي، فما موقع الحساب الوارد ذكره في (التصريح الاشتر).؟.. المهم، اعد بحيث يواكب هذا الإنشاء مناخ الحوار ..!!

:: وهنا الأزمة، أي لاتعرف قوى المعارضة والحركات المسلحلة ( من – وكيف – يُصنع القرار الحكومي؟)، ولهذا تتسع أزمة الثقة ..وناهيك عن حزب الأمة و رئيسه، بل لتحاور الحكومة وحزبها الحاكم قوى المعارضة والحركات حول برنامج المرحلة، فالمطلوب هو أن تتحاور كوادر الحكومة وحزبها الحاكم ذاتها ( أولاً)، بحيث تتفق رؤاهم و لغتهم بدلا عن هذه ( الهرجلة)..وما مواقفهم المتباينة والمتناقضة حول اتفاقية باريس وجولات الإمام الصادق إلا ( مجرد نموذج)، أي كنموذج لما حدث لاتفاقية ( نافع وعقار).. وعليه، يا سادة الحزب الحاكم : تحاوروا فيما بينكم – وإتفقوا – أولاً، ثم حاوروا قوى المعارضة والحركات، وقديما قالوا ( فاقد الشئ لايعطي)..!!
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]