مصطفى أبو العزائم

الخروج الذي يوافق الهوى.. !

[JUSTIFY]
الخروج الذي يوافق الهوى.. !

أحياناً يجد البعض نفسه محرجاً أمام الآخرين الذين يعطون أنفسهم الحق في أن يختاروا لذلك البعض ما يرون أنه ضروري.. ويأتي الحرج دائماً من تضارب ما اختاره البعض لغيرهم دون موافقتهم رغم عدم ميل الأخيرين لذلك الاختيار، لكنهم يرون أن ما قام به غيرهم إنما يأتي من باب حسن الظن.

مثال.. مع الهواتف الذكية الآخذة في الانتشار والتمدد بين ما يقارب العشرين مليون مشترك فعلي في شركات الهاتف السيار الثلاث، والتي تصل نسبتها حتى يوم أمس «51%» فقط خمسة عشر بالمائة من جملة الهواتف السيارة المستخدمة في السودان، مع تلك الهواتف الذكية التي تحمل وتقدم خدمات عديدة وحديثة مع اتصالها بشبكة الإنترنت، مثل «الواتساب» و «النمبر بوك» و«الهو إز كولينج» وغيرها، من تلك الهواتف والخدمات نجد أن البعض ينشيء مجموعات «قروبات» تواصل لجماعة إما عائلية أو مهنية أو عملية أو لجماعة من الأصدقاء، يتم من خلالها تبادل الأخبار الاجتماعية، والآراء والتعليقات بينما يتم في بعض الأحيان في عدد من تلك «القروبات» تبادل لهو الحديث ولغوه والنكات الحديثة والقديمة، وبعض أشرطة الفيديو التي تصور أزمنة ماضية، إضافة إلى الصور العامة والخاصة وأقوال الصحف وغير ذلك من مواد ومعلومات مفيدة وغير مفيدة.

إذا حدث لك ـ مثلاً ـ أن فرداً أو منظمة أو مؤسسة ما، قام أو قامت بإنشاء مجموعة «قروب» وضمتك إليه دون مشورتك، فإنك ستجد صعوبة في الخروج عن تلك المجموعة أو ذلك «القروب» لأن ذلك يجعلك في موضع من يتعالى على غيره مهما كان رأيه أو اتجاهات رأيه في مثل تلك المجموعات الإسفيرية، لذلك تظل «تنحت» في عقلك لإنتاج فكرة تخرجك من «القروب» والحرج معاً، لكن ذلك قد يأخذ زمناً طويلاً، خاصة إذا لم يجد أعضاء المجموعة و«القروب» تجاوباً منك.. وهذا هو المخرج المتاح، والخروج الذي يوافق الهوى.

ذكرت ذلك لصديق جاء يشكو همه، ويقول إنه محرج لأنه لا يحبذ تلك الطريقة التي تقحمه في عمل لا يريد أن يكون جزءاً منه.

قلت لذلك الصديق إن الحل يتمثل في إحدى الخطوات الثلاث الآتية، فأولى هذه الخطوات الخروج من المجموعة، وحذفها وقد يقدّر الأعضاء ذلك الخروج ويحترمون رأي المنسحب، أو ـ وهذه الخطوة الثانية ـ الإعتذار عن مواصلة البقاء في «القروب»، أو – وهذه الثالثة – عدم التجاوب مع ما يتداوله أعضاء «القروب» إلى حين لأنهم سيقومون بعد ذلك بحذفك من المجموعة عندما يقتنعون بأنك ليس أكثر من متابع لأسرار وأخبار وأفكار هذه المجموعة، لذلك سيحمون إنتاجهم منك بالفصل دون استشارة مثلما كان الضم إلى «القروب» دون استشارة.

وقصصت على صديقي قصة حقيقية حدثت لي في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، وشهودها أحياء أطال الله في أعمارهم، ولم يغب عنهم إلا الرئيس الراحل المشير جعفر محمد نميري ـ رحمه الله ـ الذي كان رئيساً للدولة وللاتحاد الاشتراكي السوداني، الذي يعتبر التنظيم الحاكم والشامل الذي يمثل كل فئات الشعب العامل كما كان يتردد وقتذاك.

في نشرة الأخبار الرئيسية بتلفزيون السودان، ولم تكن هناك قناة غيره، جاء خبر عاجل كان في هذا المعنى: «أصدر السيد رئيس الاتحاد الاشتراكي السوداني، جعفر محمد نميري قراراً بتعيين «فلان» ـ كاتب هذه المادة ـ ونجيب نور الدين عبد الرحمن ـ الصحفي الكبير المعروف ـ عضوين بالمكتب التنفيذي لاتحاد شباب السودان اعتباراً من تاريخه».

وجمتُ حال سماعي للخبر، وما كانت تلك رغبتي وكذلك زميلي الأستاذ نجيب نور الدين، رغم علاقتي الطيبة بأمين الشباب السيد مكاوي عوض مكاوي، ورأيت أن أستشير الأخ والصديق الأستاذ كمال الدين محمد عبد الله، وكان وقتها أميناً عاماً لاتحاد الموظفين والمهنيين بالسودان، وسألته عن الكيفية التي أرفض بها ذلك التعيين.

ضحك الأستاذ كمال وقال لي: «إنت مجنون..؟.. داير تكسِّر قرار الرئيس.. ما عندك طريقة إلا إنك ما تمشي الاجتماعات، واللوائح بتنص أنو أي زول يتغيب تلاتة اجتماعات يتم فصله».

عملت بنصيحة الأخ الأستاذ كمال محمد عبد الله، ولم ألبِ أية دعوة للمشاركة في اجتماع إلى أن تم فصلي «في صمت» رغم أن إعلان ضمي للمكتب التنفيذي، كان على الملأ وعلى رؤوس الأشهاد، وظللت لدى البعض عضواً في ذلك الاتحاد الذي ضمني إليه «جهراً» وفصلني «سراً».. ولله في تنظيماتنا السياسية شؤون.
[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]