حيدر المكاشفي

فرحة صندوق النقد الدولي وفرحة الشاويش حسين

[JUSTIFY]
فرحة صندوق النقد الدولي وفرحة الشاويش حسين

لم أجد شبيهاً للسعادة التي أبداها صندوق النقد الدولي وما أدراك ما صندوق النقد والبنك الدوليين، على ما أسماه التحسن الذي طرأ على الأداء الاقتصادي لحكومة السودان، وتحديداً في جانب الايرادات للربع الأول من هذا العام، بفضل سياسة رفع الدعم عن المحروقات التي طبقتها الحكومة العام الماضي،ونضيف من عندنا وأطبقت بها على خناق الشعب، أقول لم أجد شبيهاً لسعادة هذا الصندوق غليظ القلب الذي لا تأخذه شفقة أو رحمة بالضعفاء والمساكين، غير سعادة حسين شاويش الشرطة في مسرحية شاهد ما شافش حاجة حين أمره قائده الأعلى بالقاء القبض على سرحان عبد البصير الذي هو الفنان الشهير القدير عادل امام المتهم بقتل الراقصة عنايات، فأمسك ذاك الشاويش بالقيد الحديدي الكلبشات وبنشوة بادية على محياه بدأ يكشكش بالكلبشات ويلوح بها وهو يتجه ناحية المتهم لـكلبشته، فأستغرب المتهم سرحان من فرحة الشاويش بهذه المهمة، وقال له بتهكم يا سلام يعني فرحان أوي علشان حتكلبشني بالشلنكبات دي …وهكذا فرح صندوق النقد برفع الحكومة الدعم عن المحروقات، هذا القرار الذي شنكل الشعب وطرحه أرضاً بما عاناه من غلاء وضيق، بل وقدم عشرات الشهداء في هبة سبتمبر المشهودة للانعتاق من قبضة الصندوق الخانقة…

المعروف والثابت عن الروشتة المحفوظة لصندوق النقد الدولي أنها لم تصب يوماً في مصلحة البلاد لجهة ما ورائها من مآرب وأجندة، وليس أدل على ذلك من الهتاف الخالد الذي ابتدعه الشعب لن يحكمنا البنك الدولي ،وقد ظل هذا الصندوق لا يكل ولا يمل عن دعوة الحكومة لتنزيل قرانه المنزل وكتابه المبين ولوحه المحفوظ الذي لا يؤمن بغيره رفع الدعم عن السلع وبالأخص المحروقات وكأن بينه وبين هذه الأخيرة عداوة تاريخية وتار بايت، ولسنا في حاجة للتعريف بالأثر التلقائي السالب الذي تلقي به وصفة الصندوق على العديد من شرائح وقطاعات المجتمع الفقيرة ومحدودة الدخل،والغريب أن الحكومة تنصاع صاغرة وتصعر خدها له بالرغم من وجود خيارات اقتصادية أخرى غير خياراته يمكنها اللجوء إليها، وفوق ذلك فإن وصفة الصندوق القاسية ليست مثل الدواء المر الذي يؤدي تجرعه على مضض للتعافي والشفاء، وانما للمفارقة تقود إلى زيادة حدة الفقر في تعارض وتقاطع واضح مع أهداف الألفية الانمائية التي تدعو لخفضه وتخفيف حدته، والأعجب من كل ذلك هو اذا كان من حق الصندوق أن يسعد ويفرح عندما يجد أن الحكومة قد انصاعت له وطبقت سياساته، فما بال الحكومة تظل سائرة في ركابه وخانعة له، بل وسعيدة باشاداته، رغم أن سياساته هذه تزيد معاناة مواطنيها وترفع درجة السخط عليها بما قد يؤدي إلى اسقاطها عبر انتفاضة جوعى غاضبين، بينما يقف الصندوق بعيداً يتفرج عليها ولا يقدم لها أي دعم يعينها على تنفيذ سياسته، بل الأنكى والأدهى أنه يعتبرها غير مؤهلة لاستحقاق دعمه…أليست هذه بربكم عجيبة العجائب…
[/JUSTIFY]

بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي