عبد الجليل سليمان

التمويل والبطالة


[JUSTIFY]
التمويل والبطالة

تكشف الأرقام الرسمية وهي (غير موثوق) بها، مثل غيرها من المعلومات التي تصدرها الحكومة، تكشف عن أن نسبة البطالة بلغت 18.8% بين الذكور، و32.5% بين الإناث، وأشارت وزارة العمل إلى أن نسبة البطالة بين الشباب تترواح بين 38% للذكور، و35% للإناث وفقاً لتقرير الزميل (خالد أحمد) المنشور بيومية السوداني (عدد أمس).

رغم أن هذه النسب (غير موثوق بها) كما أسلفنا، كونها صادر عن جهة رسمية، إلاّ أنها تعد من أعلى معدلات البطالة في العالم كله.

ولأن البطالة في الغالب – فعل إجباري ناجم عن سوء الإدارة والتخطيط وفساد أنظمة الخدمة المدنية وكساد الاقتصاد الريعي الموغل في المضاربات بالنقدِ والسمسرة و(الكسر)، فإنه لا يمكن التخفيف من وطأتها إلاّ بإصلاحات إدارية وتنموية شاملة، ليس بينها (التمويل الأصغر) الذي أثبت فشله في تقليص نسبة البطالة و(الأرقام الرسمية) تؤكد ذلك، إذ أن نسبة البطالة ظل ترتفع وتتصاعد في ظل برنامج (التمويل الأصغر)، دون أن يلقي بأثره عليها إيجاباً، وبالتالي فإنه الحديث المكرور عن إمكانية تقليل نسبة العاطلين والعاطلات عن العمل عبر هذا البرنامج يبدو حديثاً للاستهلاك يفعل فعل البنج الموضعي لكنه لا يداوي.

هنالك (دروب) مستقيمة ومعبدة وواضحة المعالم يمكن السير عليها في مشوار القضاء على البطالة، أولها إصلاح الخدمة المدنية وإعادة هيكلتها بحيث لا يكون الولاء السياسي أحد مؤهلات المتقدم إلى الوظيفة العامة والخاصة، ثم تكون الخطوة التالية هي القضاء على (التمكين) قضاءً مُبرماً، وهذا ينجم عنه تلقائياً القضاء على الفساد وإقصاء المفسدين واستعادة الخدمة المدنية من بين براثنهم المغروز في لحمها (الحي).

استعادة الخدمة المدنية من قبضة التمكين سيئ الصيت يضخ فيها كوادر مؤهلة وخبرات فذة وعقول إدارية نيرة تعرف كيف تخطط وتدبر (الحال)، كوادر مثل (كمال حمزة) ورفاقة الميامين من الضباط الإداريين الأفذاذ الذين خدموا بلادهم وبلاد غيرهم ورفعوها درجات إلى عليين دول العالم جميعها.

هذه هي المعضلة الأولى، أما الثانية فتحتاج جهداً كبيراً وإرادة سياسة قوية، تعترف أن السودان بلد زراعي ضخم ومورد ماء عظيم، قبل أن يكون حقلاً للنفط ومنجماً للذهب (وأين النفط والذهب الآن؟)، لذلك تخطط لإعادة تأهيل مشروع الجزيرة والمشروعات الزراعية العملاقة الأخرى، وتوطن الصناعات التحويلية، تستعيد صناعة الزيوت والنسيج، والملبوسات الجاهزة والأحذية والمواد الغذائية، وما إليها.

ثم سنجد عشرات المشروعات الضخمة، ومئات المصانع والآف المشتثمرين وملايين الوظائف، لكن هذا كله تحت شرط واحد هو خدمة مدنية نظيفة يديرها خبراء مؤهلين أكاديمياً وأخلاقياً، وبالتالي فلن تجد عاطلاً إلاّ من أبى، (وخلونا من قصة التمويل الأصغر دي)، فقد صارت نكتة بايخة.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي