(غازي ـ عقار ـ الصادق)!
حسناً، فعل المؤتمر الوطني حين أسرع بإخراج بيان يؤيد ما تم التوقيع عليه بين موفدي لجنة الحوار الداخلي (غازي صلاح الدين وأحمد سعد عمر) مع الحركات المسلحة مع الاحتراز بإخضاع الوثيقة للنقاش مع بقية القوى السياسية المشاركة في الحكومة.
أي موقف آخر كان سيحسب عليه سلباً وسيُظهره بمظهر المعزول والرافض للحلول السلمية.
جاء بيان المؤتمر الوطني الممهور بتوقيع الأستاذ ياسر يوسف مسؤول الإعلام متزامناً مع تصريح استفزازي أدلى به ياسر عرمان القيادي بالجبهة الثورية عقب التوقيع احتفى فيه الأخير بما يراه انتصاراً تحقق لهم كجبهة ثورية بأن نالوا اعترافاً مباشراً من قبل المجتمع الدولي والإقليمي، وضمنياً من قبل الحكومة.
ربما أراد عرمان بذلك التصريح أن يدفع قيادة المؤتمر الوطني لاتخاذ موقف مناهض لما حدث في أديس يقارب الموقف الذي اتخذ عقب اتفاق نافع ـ عقار.
عرمان حريص على الشكل أكثر من المضمون، هو من مدرسة استخدام الصور في التأثير على الرأي العام. ومن خلال ما حدث سيسوق لفكرة الاعتراف بالجبهة الثورية ووضع كل القوى الداخلية والخارجية في مقابلة الحكومة ..هم يطلبون وهي عليها التنفيذ.
الوضع كان سيكون جيداً إذا كان ما جاء في الوثيقة من مطلوبات على الحكومة مقابل موافقة الحركات المسلحة على الحوار بالداخل.
لدي بعض الملاحظات على التوقيع الذي تم في أديس أبابا أدليت بها في قروب للقيادات الإعلامية على الواتساب يشارك فيه عدد من مسؤولي الإعلام في الدولة:
*كل الأطراف تدرك قوة المؤتمر الوطني من خلال وضعه في السلطة ولن يجدوا خياراً للحد من قوته سوى التنسيق المشترك ووضعه في مقام العزلة للحصول منه على تنازلات كبيرة وفي ذلك لا فرق بين عقار وغازي.
مع كل الفوارق بينهم ،لا يجدون وسيلة لمواجهته سياسياً سوى مجتمعين في العلن… مع إجراء البعض للمساومات الثنائية في الغرف المغلقة.
*الحكومة ستكون قد وضعت نفسها في موقف حرج إذا اتفق الجميع (محاورو الداخل والحركات المسلحة) على رؤية مشتركة ولم تقبل بها… خاصة في موضوعي الانتخابات والفترة الانتقالية.
حينها سيصبح التوقيع الذي تم أمس في أديس ابابا مشروع تحالف مضاداً للمؤتمر الوطني يجمع أصحاب إعلان باريس مضافاً اليهم محاوري الحكومة من الداخل (غازي والطيب مصطفى) والبقية.
*كان على الحكومة ألا تمنح (غازي وسعد) تفويض الحديث والتوقيع نيابة عن (7+7) وهي بذلك وضعت نفسها في مقابلة الجميع (السبعيين والباريسيين) وسجلت اعترافاً ضمنياً ومجانياً بالجبهة الثورية .
الآن الوضع على هذا النحو:
(أصحاب باريس والسبعة) اتفقوا على وثيقة مشتركة على المؤتمر الوطني أن يوافق عليها وبذلك يعترف بالجبهة الثورية، أو يرفضها ويظهر بمظهر المعزول عن إجماع القوى السياسية الداخلية والخارجية.
هذا الوضع كان يمكن تلافيه بوجود ممثل للمؤتمر الوطني في وفد غازي وسعد يكون له حق الفيتو على ما لا يرتضيه (الوطني) حتى لا يضطر للرفض بعد انتهاء الطبخ.
[/JUSTIFY]
صحيفة السوداني