مصطفى أبو العزائم

الشيعة في السودان


[JUSTIFY]
الشيعة في السودان

لا أحد يستطيع أن يحدد عددهم، لكن المؤكد أن أعدادهم ليست كبيرة بالصورة التي ضخمها البعض، وإن كانت الخطورة تأتي من غض الطرف عن عددهم وإنتشارهم بين عدد من أبنائنا وبناتنا الشباب، خاصة أولئك الذين بلغوا مدارج التعليم الجامعي، أو هم في الطريق إليه.
الشباب يتم إستقطابهم من خلال المراكز الثقافية المشرعة الأبواب، التي تتوفر فيها المكتبات الضخمة والكتب النادرة، ويتوفر فيها أساتذة ومحاضرون، تكون محاضراتهم هي المدخل لهذا العالم الغامض المظلم، ويكون المفتاح عادة هو «حب أهل البيت»، والسودانيون يحبون الرسول الكريم سيد الخلق أجمعين، سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ويحبون أهل بيته وصحابته الاجلاء الكرام رضى الله عنهم.
المدخل ناعم وعاطفي، مرتبط بالعقيدة، لكنه يقود إلى مدارج الخطر، ويرمي في بيداء التيه الفكري، والتي يعتبر الداخل إليها مفقود، والخارج منها مولود.. وهنا مكمن الخطر في سودان مسلم، سني، معتدل يتبع أهله كتاب الله ويعملون بسنة نبيه الكريم، حيث لا قرآن آخر مثلما عند بعض تلك الجماعات، يسمى بـ «مصحف فاطمة»، ولا يحمل أهل السودان بيارق البدعة المزينة بمفردتيَّ «الولاية» و «الإمامة».
القرارالحكومي الأخير والخاص بإغلاق المراكز الثقافية الإيرانية قرار صحيح، حتى وإن تأخر كثيراً، لكنه جاء ليمنع نمو بذور الفتنة المذهبية التي لم نعرفها من قبل، ليزيد جراحاتنا جرحاً جديداً لن يسهل برؤه.. لكننا كنا نتوقع أن يصدر قرار آخر أو توجيه رسمي لوزارة الداخلية والأجهزة الأمنية المختصة بمتابعة قرار الإغلاق الذي إن لم تتم متابعته بدقة، فربما فتح علينا أبواب الفتنة النائمة.
علمت ومجموعة من الزملاء بالقرار ونحن في ولاية شمال كردفان قبل أيام، وأخذنا نحلل الأوضاع والدوافع التي أدت إلى أن تتخذ الحكومة هذا القرار، بعد علاقات عميقة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية إمتدت لسنوات عديدة، لكنها جاءت على حساب علاقات أكثر عمقاً وأعظم أثراً، مع دول الجوار المسلم السني والمحيط المسلم العالمي، الذي لا يقبل سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يقبل سب أهل بيته ولا أنصاره الذين كان لهم السبق في الاسلام، ولم يدخلوه متأخرين لينقلبوا عليه كجزء من مؤامرة شيطانية تهدف إلى تشويه صورة الاسلام، وفق هوى الذين قتلوا الخلفاء أو أولئك الذين قادوا الثورة ضد بعضهم لزعزعة دولة الاسلام الوليدة، في مهدها.
بداية ربطت ما بين حدثين مهمين، الأول ذلك القرار والثاني هو إنطلاقة فعاليات معرض الكتاب الدولي العاشر بالخرطوم والذي تواجهه في كل دورة أزمة بسبب الكتب التي تجيء ضمن جناح الجمهورية الاسلامية الإيرانية، وتلك أزمة كنا نعيشها كل عام.
لسنا ضد إيران الدولة، فإن لبلادنا علاقات مع دول الغرب المسيحي ومع الفاتيكان، ومع الدول الشيوعية واللا دينية، إذ لا مفر من التعامل معها في عالم متعدد الأعراف والأفكار والديانات، لكن أن تتعرض عقيدتنا ومؤسساتنا إلى ما أخذت تتعرض له من فئة نحسب أنها ضالة.. فذلك أمر مرفوض مرفوض، ولا نرى إلا أن حكومة السودان إنحازت إلى الحق، وضحت بما قد يجلب عليها قطيعة دولة كبيرة مثل إيران، لكن دائماً وأبداً الله أكبر من كل كبير.
[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]