خرطوم أنصاص الليالي
مما اعتاد الخرطوميون قوله على سبيل المباهاة والفخر بمدينتهم وربما شاركهم فيه غير الخرطوميين تنبرا بعاصمة بلادهم (الخرطوم محل الرئيس بنوم والطيارة بتقوم وأضاف البعض ونافع بحوم)، هذا غير الاضافة التي تفضلت بها بعضهن قائلات (ساكنين الخرطوم محل الرئيس بنوم والطيارة بتقوم والجكس بِحوم …. أولادنا لابسين الجِينز وحالقين مارِينز..اولادنا راستا ..وعشانا باسطة..وشٌغلنا واسطة .. ما بنتردّى ونلبس الشدّة..الى اخر هذا الردحي)…الان وبعد الافادة الشرطية الصادمة والتي جاءت تحت العنوان العريض ( الخرطوم بتحصل فيها حاجات بالليل لا يعلمها الا الله)، هذه الافادة الأخيرة التي صدرت من مصدر مختص وعليم، مقرؤة مع صورة ذاك المخنث التي تم تداولها على نطاق واسع خلال اليومين الماضيين بمواقع التواصل الاجتماعي ( الفيسبوك والواتساب )، الذي قيل أنه تم ضبطه في وضع فاضح بمدينة الفاشر التي قدم اليها من الخرطوم لمناسبة ما ، على اعتبار أنه فتاة غراء فرعاء بارعة الحسن بائنة الغنج والدلال والاثارة، ليتضح بعد ذلك أنه شاب وليس فتاة، هذا غير الضبطيات اليومية المتصاعدة التي ظلت تسجلها يوميا الشرطة وعشرات التقارير والتحقيقات الصحفية التي تناولت مثل هذا النوع من جرائم التردي والانحدار الأخلاقي الذي ولغ فيه حتى بعض من ولوا أمر العباد، وجرائم المخدرات والاغتصاب والتحرش والجرائم الجنائية التي وصلت حد قتل الابن لأبيه والأخ لأخيه بدم بارد ودون أن يطرف للجاني جفن ومواقعة المحارم لدرجة الانجاب، كل ذلك وغيره مما لم نعرض له من تفلتات وانفلاتات أخلاقية وجنائية وزلزلة وخلخلة ضربت البنية الاجتماعية في مقتل وخاصة في الخرطوم المكلومة،كان كفيلا بأن ينحرف بتلك المقولة الى (الخرطوم محل الفضائل بتنوم والرذائل بتقوم)…
يوم الخميس الماضي وفي تنوير صحفي نظمته محلية الخرطوم، كشف مدير شرطة المحلية بكل الصدق والأمانة والشفافية، ما وقف عليه وما توفر لديه من معلومات بحكم المهنة عن حال الخرطوم (المايل) بالليل، ومما قاله في هذا الصدد أن المخدرات صارت قاسما مشتركا في كل الجرائم المرتكبة،وأن صورة الحرامي التقليدية تغيرت اذ أن كثيرا من أولاد الأسر العريقة انخرطوا في ممارسة اللصوصية، وأضاف وهنا مربط الفرس( الخرطوم دي بتحصل فيها حاجات نص الليل لا يعلمها الا الله ) وهذه والله عبارة جامعة مانعة كفت ووفت في نقل صورة ما ال اليه حال الخرطوم بالليل وبالاخص ما بعد منتصفه، حين تخرج الرذائل من مكامنها وشياطين الانس من مخابئها لتسرح وتمرح في شوارعها وشققها وفيللها ومزارعها،ولكن ما لم يقله هذا القائد الشرطي الأمين وليس مطلوبا منه أن يقله،هو ما الذي أدى الى هذا التدهور والانحدار المتسارع للقيم والأخلاق، رغم الادعاء باعادة صياغة الانسان السوداني وربطه بقيم السماء وتنشئته على فضائل الدين وكرائم الأخلاق عبر ما سمي ب(المشروع الحضاري)،وما هو السبيل لتدارك ما يمكن تداركه بل وكيف الخلاص من هذا الواقع الذي ما يزال ينذر بعواقب أوخم مما هو حادث، ان لم يتم الاعتراف بدءا بجملة السياسات والتوجهات الكارثية التي كان لها القدح المعلى في الوصول بالبلاد الى هذا الدرك…وأحفظ اللهم السودان وأهله ولا تعاقبهم بما يفعل السفهاء منهم (والسفه خشم بيوت)…
[/JUSTIFY]
بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي