حيدر المكاشفي

سلبطة ساكت

[JUSTIFY]
سلبطة ساكت

السلبطة في معناها العام هي ادعاء امتلاك أو فعل شئ لا يخصك وليست لك به علاقة مباشرة ولا تملك أدوات تنفيذه، وبهذا المعنى يكون المتسلبط وفي رواية المتشوبر هو من يتصدى لفعل شئ يخص شخص أو جهة أخرى مسؤولة عنه ومساءلة عليه،وللسلبطة أساليب وأفانين وأوجه كثيرة،حسبنا منها هنا للتوضيح روايتين (متسلبطتين)، تلك التي أدعت أن رئيس وزراء اسرائيل المعروف بنيامين نتنياهو من مواليد قرية نوري بالولاية الشمالية وعاش فيها طفولته وشبابه الباكر،مع أن مولده ونشأته كما تفيد معلومات سجله المدني الاسرائيلي بأنه من مواليد تل أبيب ولم ير نوري في حياته وربما لم يسمع بها ،أما الرواية المتسلبطة الأخرى فلم تدعي ولادة ونشأة الرئيس الأثيوبي السابق منقستو هايلي مريم بالسودان فحسب ،وانما جعلته سودانيا قحا بل ومن شوايقة منطقة الدهسيرة،وصنعت له اخوان وأخوات غير أشقاء قيل أنهم كانوا قد تعهدوا بتسليمه نصيبه كاملا من ميراث والده،ووجه اخر للسلبطة تجسده قصيدة حلمنتيشية تقول (بحبك..منو القال ليك بحبك..حصل شفتيني اتكبكبت ولا جريت أنا في دربك..ما ساكت قدر مكتوب كان جابني وقعدني جنبك..ولمن كان بعاين ليك ما عاجبني لون عينيك..ساكت كنت بتسلى وبفكر في خلقة الله..وقادر انت يا الله..كيف خلقك وكيف رسمك وكيف سواك غوريللا..ورقبتك ناطة منسلة وراسك زى غطا الحلة..برضو تقولي شاغلتك أشاغلك ليه رماني جمل)…

في الأنباء أن المجلس الوطني (البرلمان) عبر عدد من لجانه قرر النزول الى الأسواق بداية بيوم أمس، في حملة رقابية تفتيشية على الأسعار تتواصل لمدة أسبوع،وتجئ هذه الخطوة العملية من البرلمان وفاء وانفاذا لتعهده السابق الذي أطلق عليه مسمى(نفرة رقابة الأسواق)،والذي تعهد فيه بمحاصرة انفلات الأسعار ومراجعة أسعار السلع لخفضها ووضع تسعيرة مناسبة وتوعد المتلاعبين بقوت الشعب بعقوبات رادعة…هذه الخطوة التي أقدم عليها البرلمان لا تعدو أن تكون في تقديرنا سوى (سلبطة ساكت) لن تفضي لشئ،ولسبب في غاية البساطة وهو كيف لجهة لم تحسن عملها المنوط بها أن تحسن عمل غيرها،هذا اذا غضضنا الطرف عن مجالات التفويض والاختصاصات والفصل بين السلطات،حيث أن مراقبة الأسواق وضبطها من صميم عمل واختصاص الجهاز التنفيذي (الحكومة ولائية كانت أو مركزية أو الاثنتين معا) وليس الجهاز التشريعي (البرلمان) الذي له اختصاصات أخرى ليس من بينها مراقبة الأسواق وضبط الأسعار وتوقيع الجزاءات،وحتى بافتراض أنه يجوز للبرلمانات ممارسة الأعمال التنفيذية،يكون البرلمان(الأب)قد مارس الوصاية على البرلمان(الابن) الذي هو مجلس تشريعي الولاية وتغول على اختصاصه، وفي ذلك خرمجة وسواطة لمستويات الحكم الاتحادي المخرمج أصلا…يبدو أن البرلمان حين وجد نفسه في ورطة العاجزعن فعل شئ ازاء الضائقة المعيشية المستفحلة،استنجد بالمثل المصري (مقدرش على الحمار اتشطر على البردعة)،ولهذا بدلا من أن يراقب ويضبط الأداء التنفيذي ويحمله على ترشيد السياسات ومعالجة الاختلالات الاقتصادية وضغط الانفاق الحكومي،ترك كل هذا وراء ظهره ونزل الأسواق يلاحق التجار وباعة الحوانيت وربما السريحة وباعة الاستوبات ومدردقي الدرداقات..فهل هناك سلبطة أكثر من هذه…
[/JUSTIFY]

بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي