عندما يكون القيادي مجرد (مساعد حلة )
أذكر قبل عام أو يزيد قليلا أن رئيسة المفوضية القومية لحقوق الانسان مولانا آمال التني التي تواترت أنباء بالأمس عن أنها دفعت باستقالتها من المنصب ، أذكر أنها عامذاك بعد أن طفح كيلها وبلغ سيلها زباه من التهميش الذي عانته مفوضيتها ،أذاعت على الملأ عبر احدى صحف الخرطوم تصريحا مجلجلا بدا وكأنه تصريح مودع على غرار صلاة المودع،نعت فيه حال المفوضية بل أوشكت أن تشيعها إلى مقابر فاروق القريبة من مقرها ثم ترفض أن تتلقى فيها العزاء،وأذكر يومها أنني بكيت مع مولانا حال المفوضية البائس وواسيتها في مصابها الجلل، فإن تصاب في مقتل هذه المفوضية التي كان العشم فيها أن تعمل على تعزيز وحماية حقوق الانسان ومراقبة تطبيق هذه الحقوق والحريات وتلقى الشكاوى حول الانتهاكات والخروقات التي تنتهك هذه الحقوق إلى آخر هذه المهام العظيمة والكبيرة التي تواضع عليها العالم أجمع وضمنها ميثاق الأمم المتحدة وضمتها العهود والقوانين الدولية ودساتير الدول، بل وقبل هؤلاء جميعاً نص عليها بوضوح الدين الاسلامي الحنيف، فذلك يعني قتل الناس جميعاً وليس المفوضية وحدها، ومما أذكره يومها أيضا أنني بعد أن أثنيت على مولانا وحييتها على وقفتها الوطنية المتجردة والخالصة لوجه الله والحق والحقوق، كنت قد لمتها لأنها غفلت عن أن تدرك مسبقا أنها ستعاني الأمرّين لو أخذت أمر المفوضية مأخذ جد، وذكرتها بأنها كان عليها فقط أن تتذكر أن إنشاءها تأخر لسبع سنوات وذلك وحده يكفي دليلاً على هامشيتها في نظر من أنشأوها على طريقة مكره أخاك لا بطل…
الان يبدو أن مولانا قد عيل صبرها ولم يبق في قوسه منزع واستيأست تماما من أي سبب يبقيها على سدة هذه المفوضية فدفعت باستقالتها رافضة أن تكون (عمدة خالي أطيان)، والحقيقة أن هذا الوضع الهلامي الهامشي الذي هو أقرب للعطالة المقنعة التي يشغل صاحبها وظيفة مرموقة أو غير مرموقة ويذهب يومياً إلى مقر العمل ولكنه في حقيقته لا يؤدي أي عمل بالأصالة إلا القليل الروتيني، بينما الأعمال الكبيرة والقرارات المؤثرة ليس له فيها دور إلا دور «البناول الطوب» أو عامل السيمافور في محطات السكة حديد مهمته الأساسية والوحيدة هي انزال الاشارة إيذاناً للقطار بالمرور، هذا الوضع لا يخص مفوضية حقوق الانسان وحدها ولا تعانيه وحدها بل تعانيه كثير من اللافتات والواجهات والمسميات ووظائف الترضية، ولعل من أبرز هؤلاء كان مني أركو مناوي حين شغل منصب مساعد الرئيس بُعيد توقيعه اتفاق سلام مع الحكومة حمله إلى القصر الرئاسي، مناوي عندما وجد نفسه بلا عمل يؤبه له يؤديه، سخر من نفسه وهجاها على طريقة الشاعر الحطيئة فقال ما معناه أنا لست مساعداً للرئيس ووضعي أشبه بمساعد الحلّة في اللواري السفرية، وآخرون قبل مناوي وبعده لست في حلٍ من ذكرهم بالأسماء، عندما فاض بهم كيل التهميش والتتييس إضطروا للفضفضة علناً..فكم (مساعد حلة) ياترى يحتل موقعا الان لا يؤدي فيه أي عمل وانما هو فقط واجهة لاخرين مستترين..ظني أنهم كثير..
[/JUSTIFY]
بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي