الطاهر ساتي

سلخ جلد النملة

[JUSTIFY]
سلخ جلد النملة

:: العام 1991، كان من أعوام الهوس و(القرارات الإرتجالية).. ومن تلك القرارات غير القابلة للرفض أو النقاش، فرض ضريبة على المزارعين بالشمالية مقدارها ( ثلث الإنتاج)، وأسماه الاعلام الشعبي ب ( ثلث الزبير)، فالمرحوم الزبير محمد صالح كان نائباً لرئيس الجمهورية..نعم، بغض النظر عن الخسائر وتكاليف الإنتاج، كان المندوب الحكومي يأتي مع الحصاد ليستولى على ثلث الإنتاج بلا مقابل، وهذا ما لم يكن يحدث حتى في زمن الإستعمار و الإدارة الأهلية..ومن الطرائف، تم إدخال هذا الثلث الحكومي المنزوع من المزارع في حكمة شعبية لا تزال على ألسنة الأهل هناك، إذ تقول حكمتهم : (تلت للطير وتلت للزبير وتلت للاسبير والمزارع فاعل خير)، أو هكذا كانت قسمة عائد الإنتاج في ذاك العام ..!!

:: ويبدو أن زُراع السودان على موعد آخر مع ( ضريبة أخرى)، وغير معلوم المقدار، وهذا يعني قد يكون مقدارها ثلث الإنتاج أو ربعه أو نصفه، أي حسب (المزاج)..وأصل الحكاية، بقرار صادر عن وزير المالية في شهر مارس الفائت، تم تشكيل لجنة الاصلاح الضريبي والجمركي، وإنبثقت منها لجنة الضرائب المباشرة .. وتم تكليف هذه اللجنة بالمهام التالية : توسيع المظلة الضريبية، مراجعة الاعفاءات الضريبية، تبسيط الاجراءات الضريبية، مراجعة فئات الضرئب وتقوية الآداء الإداري لديوان الضرائب.. تلك مهام اللجنة، وبالتأكيد هي ( مهام مُرعبة)..!!

:: إجتمعت اللجنة ، و أعدت للحكومة تقريراً ضاجاً ب (التوصيات المُرعبة).. ومن التوصيات، فرض الضرائب على أصحاب الشركات والأعمال الزراعية بشقيها الزراعي والحيواني والنباتي، وعلى كبار المزارعين أيضاً..تلك هي التوصية المراد بها توسيع المظلة الضريبية.. وكما تعلمون فأن القطاع الزراعي محمي بالمادة (29)، من قانون ضريبة الدخل..وضعت تلك المادة الشركات والأعمال الزراعية والمزارعين في قائمة ( الفئة صفر)، أي اعفاء..ولكن اللجنة المؤقرة تطالب مجلس الوزراء والبرلمان بالغاء الفئة صفر وإخضاعها لفئة ( ضريبية متدرجة)، وذلك لتحقيق الغاية العظمى والواردة ذكرها نصاً في التقرير ( زيادة الايرادات)..!!

:: وعليه، قبل أن يصل هذا التقرير – بهذه التوصية – إلى مجلس الوزارء والبرلمان، يجب تذكيرهما بأن فرض أي نوع من أنواع الضرائب على القطاع الزراعي يُعد بمثابة ( سلخ جلد النملة)..فالعامل في القطاع الزراعي – شركة كانت أو مزارع – لن يحتمل هذه الضريبة المرتقبة ما لم يكن المراد بها طرد المستثمرين وتهجير المزارعين..تكاليف الإنتاج وحدها في بلادنا تقود المزارعين وأصحاب الشركات الزراعية إلى عالم الإعسار والسجون، فكيف يحتملون الضرائب؟..فعوضاً عن إرهاق الزراعة والمزارعين بالضرائب، على مجلس الوزراء والبرلمان إلغاء المادة (18) من قانون مخصصات شاغلي المناصب الدستورية والتنفيذية والتشريعية وإمتيازاتهم، وهي المادة – الغريبة جداً – التي تعفي مخصصات وإمتيازات هؤلاء السادة من الضرائب ..!!
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]