* كان ذلك هو تصورى حتى وقت قريب، ولا يزال حتى الان فيما يتعلق بالجانب الفلسطينى الاسرائيلى، غير أن حظوظ حركات الاسلام السياسى فى الوصول الى الحكم والحصول على تأييد ورضاء الاغلبية، قد تقلصت بشكل كبير وربما تكون قد انعدمت او فى طريقها للانعدام ، فالحركات الاسلامية التى تيسر لها الوصول الى الحكم فى مجتمعاتها، سواء بالثورة الشعبية، كما حدث فى إيران، أو بحمل السلاح كما فى أفغانستان والسودان، أو بالانتخابات كما فى فلسطين، كانت محبطة فى أدائها لمعظم الناس… (وهو تعبير مخفف جدا فى الحكم على هذه الحركات).
* فشلت هذه الحركات فى إقناع الناس بأدائها ولم تقدم أى حلول منطقية وموضوعية للمشاكل، بل ترتب على صعودها الى كراسى الحكم العديد من المشاكل المعقدة سواء كانت هى السبب المباشر فيها او غيرها، وانعكس ذلك بشكل مباشر على قبول الناس لها، وأكبر دليل على ذلك ما حدث فى أفغانستان، ويحدث الان فى أماكن أخرى من بينها إيران والسودان !!
* بل حتى الحركات الاسلامية التى لم تمكنها الظروف او تساعدها الظروف، او منعت بالقوة من الوصول الى الحكم فى بلادها برغم فوزها فى الانتخابات ( مثل حركة الانقاذ فى الجزائر)، لم تكن مقنعة إطلاقا فى معارضتها، وجنح معظمها الى العنف ضد الابرياء للتعبير عن نفسها واثبات وجودها، فكانت النتيجة الطبيعية والحتمية هو تراجع التأييد الذى كانت تحظى به فى السابق بشكل كبير، والمثال الابرز لذلك هو حزب الله فى لبنان الذى تقهقر بشكل واضح فى الانتخابات اللبنانية الاخيرة، وبعض الحركات الاسلامية فى العراق التى لجأت الى العنف الشديد لاثبات وجودها، فحدث العكس تماما ولم يعد لها الآن إلا وجود ضئيل!!
* قد يتحجج البعض بالتجربة التركية ولكن يجب عليهم الا ينسوا ان هذه التجربة كانت وستظل محكومة بالدستور العلمانى ، وخاضعة برضائها الكامل للعبة الديمقراطية بكل مفرداتها الغربية، ولا ترغب فى التمرد عليها، وبالتالى لا يمكن القياس بها فى الحكم على الحركات الاسلامية الاخرى التى لا تعترف بالديمقراطية الغربية!!
* بناء على ذلك يمكننى القول بأن حركات الاسلام السياسى لم تعد لديها الفرصة فى الصعود أو البقاء على كراسى الحكم بشعاراتها ومفاهيمها الحالية، وليس أمامها سوى خيارين؛ إما التحول الى النمط التركى، أو الفناء !!
drzoheirali@yahoo.com
جريدة السودانى، 28 يونيو، 2009
