زهير السراج

مستقبل الاسلام السياسى !!


[ALIGN=CENTER]مستقبل الاسلام السياسى !![/ALIGN] * كان لدى اعتقاد كبير فى الماضى ( منذ ان تفتح وعى السياسى فى وقت مبكر من حياتى، وانا ما زلت صبيا بعد)، بأن فرصة الاسلام السياسى فى الصعود الى دست الحكم فى معظم الدول الاسلامية والعربية ، كبيرة جدا وانه أمر لا بد منه مهما طال الزمن، وكان رهانى قائما على شيئين أساسيين هما؛ القاعدة الاسلامية والدينية الراسخة فى الدول العربية والاسلامية التى ترفض المفاهيم العلمانية بمختلف اشكالها، ثم نشوء الكثير من الحركات الاسلامية التى تيسر لها المال والتمويل من جهات عديدة ونجحت فى استقطاب أعداد كبيرة من المتعلمين والمثقفين واصحاب الفكر ممن يجدون الاحترام والتقدير فى مجتمعاتهم، ونجحت فى توظيفهم واستخدامهم بذكاء شديد لاقناع هذه المجتمعات بشعاراتها وافكارها، ساعدها على ذلك فيما بعد انهيار المنظومة السوفيتية، واستمرار المشكلة الفلسطينية بدون حل واحساس المسلمين بشكل عام، حتى الذين يناصبون الحركات الاسلامية العداء، بالظلم الشديد الذى تمارسه المجتمعات الغربية عليهم بسبب تأييدها الكبير والمتصل لعدوهم الاول، خاصة مع وجود خلفيات عداء وكراهية تاريخية، صارت فيما بعد جزءا لا يتجزأ من عقيدتى الطرفين، وهى مشكلة حقيقية لا يمكن تجاهلها بأى حال من الأحوال فى النظر الى المشكلة الفلسطينية الاسرائيلية ومحاولات الحل !!

* كان ذلك هو تصورى حتى وقت قريب، ولا يزال حتى الان فيما يتعلق بالجانب الفلسطينى الاسرائيلى، غير أن حظوظ حركات الاسلام السياسى فى الوصول الى الحكم والحصول على تأييد ورضاء الاغلبية، قد تقلصت بشكل كبير وربما تكون قد انعدمت او فى طريقها للانعدام ، فالحركات الاسلامية التى تيسر لها الوصول الى الحكم فى مجتمعاتها، سواء بالثورة الشعبية، كما حدث فى إيران، أو بحمل السلاح كما فى أفغانستان والسودان، أو بالانتخابات كما فى فلسطين، كانت محبطة فى أدائها لمعظم الناس… (وهو تعبير مخفف جدا فى الحكم على هذه الحركات).

* فشلت هذه الحركات فى إقناع الناس بأدائها ولم تقدم أى حلول منطقية وموضوعية للمشاكل، بل ترتب على صعودها الى كراسى الحكم العديد من المشاكل المعقدة سواء كانت هى السبب المباشر فيها او غيرها، وانعكس ذلك بشكل مباشر على قبول الناس لها، وأكبر دليل على ذلك ما حدث فى أفغانستان، ويحدث الان فى أماكن أخرى من بينها إيران والسودان !!

* بل حتى الحركات الاسلامية التى لم تمكنها الظروف او تساعدها الظروف، او منعت بالقوة من الوصول الى الحكم فى بلادها برغم فوزها فى الانتخابات ( مثل حركة الانقاذ فى الجزائر)، لم تكن مقنعة إطلاقا فى معارضتها، وجنح معظمها الى العنف ضد الابرياء للتعبير عن نفسها واثبات وجودها، فكانت النتيجة الطبيعية والحتمية هو تراجع التأييد الذى كانت تحظى به فى السابق بشكل كبير، والمثال الابرز لذلك هو حزب الله فى لبنان الذى تقهقر بشكل واضح فى الانتخابات اللبنانية الاخيرة، وبعض الحركات الاسلامية فى العراق التى لجأت الى العنف الشديد لاثبات وجودها، فحدث العكس تماما ولم يعد لها الآن إلا وجود ضئيل!!

* قد يتحجج البعض بالتجربة التركية ولكن يجب عليهم الا ينسوا ان هذه التجربة كانت وستظل محكومة بالدستور العلمانى ، وخاضعة برضائها الكامل للعبة الديمقراطية بكل مفرداتها الغربية، ولا ترغب فى التمرد عليها، وبالتالى لا يمكن القياس بها فى الحكم على الحركات الاسلامية الاخرى التى لا تعترف بالديمقراطية الغربية!!

* بناء على ذلك يمكننى القول بأن حركات الاسلام السياسى لم تعد لديها الفرصة فى الصعود أو البقاء على كراسى الحكم بشعاراتها ومفاهيمها الحالية، وليس أمامها سوى خيارين؛ إما التحول الى النمط التركى، أو الفناء !!

drzoheirali@yahoo.com
جريدة السودانى، 28 يونيو، 2009


تعليق واحد

  1. السيد دكتور زهير

    تحية طيبة

    تعقيباً على مقالك عن (الإسلام السياسي) كما تسميه أنت وآخرون يعد في حد ذاته مصطلحاً لم يحسم فكرياً بعد، فهناك من يرى تسمية (الإسلام السياسي) تخصيص لسلوك معين لفئة اتخذت من الإسلام وسيلة للحصول والوصل إلى أهداف يعد الإسلام في حد ذاته إزاءها هدف ثانوني… وعليه أصبحت فئات أخرى تتخذ من النظام الإسلامي منهجاً لخدمة الإسلام واقعة تحت مظلة أدعياء الإسلام كنظام شمولي للحياة!!

    ابتداءً في نظري واعتقادي الذي يشاركني فيه الكثير الرأي وهو من المعلوم بالضرورة أنه ليس هناك (إسلام سياسي) و(إسلام غير سياسي) فالإسلام هو نظام حياتين (الحياة الدنيا) و(الحياة الآخرة) وبما أن الحظي بنعيم (الحياة الآخرة) مرتبط بشكل (الحياة الدنيا) في كافة ضروبا وأشكالها في مناشط المسلم اليومية وما له وما عليه كلها مفاهيم وأنظمة تتداخل مع أمور المسلم الدنيوية.. وأضرب مثالاً واحداً وكل الإسلام أمثلة عندما تحدثت سورة المطففين عن الذين اذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون… ثم تلت تلك الآية قوله تعالى: (ألا يظن اولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين) إذا (فالحياة الآخرة مرتبطة بسلوك الإنسان في الحياة الدنيا وحتى يتم تحقيق الرشد والعدالة بين الناس ليأمن بعضهم بغي وشر بعض من ناحية وليسلم كل منهم من شر نفسه حتى ينقذ نفسه من حساب الله له كان الإسلام منهجاً ونظاماً للحياة بكل أشكالها الاجتماعية والاقتصادية و(السياسية) فالسياسة الراشدة المنبثقة من التشريع الإسلامي تحتاج للسلطة حتى تتمكن من نشر ثقافة العدالة التي دعت لها سورة المطففين والتي توعدتهم بالويل… فالأمثلة كثيرة في النظام الإسلامي في مناهضة البغي والظلم وبسط الأمن في ربوع المجتمعات المسلمة وغير المسلمة باعتبار الإسلام المخلص والرسالة لكل الناس..

    لست بصدد الدفاع عن (الإسلامي السياسي) بمفهومه الضيق أو بصدد الدفاع عن أنشأوا احزاب باسم الدين أو بإسم الإسلام… وإنما أنا بصدد الدفاع عن مفهوم الإسلام كنظام حياة لابديل له.. وربما نحن بحاجة إلى فئة محايدة ذات علم ومعرفة تامة لتصنف أي الفريقين هو على الحق والصراط الإسلامي المستقيم!!

    أما كونك تتنبأ بأن على حركات (الإسلام السياسي) بشعاراتها الحالية والمنتشرة في ربوع العالم الإسلامي بمختلف قضاياه المصيرية والمعقدة أن تتبع النظام التركي … أو تنتظر الفناء…!! فأقول لك يا دكتور زهير : أنت تختصر تاريخ الإسلام السياسي بكل أطيافه في كلمتين هما (إما اتباع النظام التركي) أو (الفناء)!!! ولا أعرف أي الشعارات الحالية التي ترفعها حركات (الإسلام السياسي) غير الأخذ بالنظام الإسلامي كنظام حياة ..؟!

    هل لا سمح الله رفعت حركات (الإسلام السياسي) شعارات تناقض شرائع الإسلام ونظامه ومبادئه حتى تصبح محل لعنة الله والمسلمين؟! وتكتب على نفسها الفناء… وأين هي تلك الشعوب التي ترى (حركة سياسية إسلامية) ليس في محياها وسلوكها ما يمت للإسلام بصلة !! ثم تتبعها !! اللهم إلا إذا كنت تقصد (الإسلام السياسي الطائفي) !!

    دكتور زهير…

    فقط أذكرك بآية في سورة البقرة إن كنت من الذين يداومون على تلاوة القرآن الكريم وهي: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة… قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، قال إني أعلم ما لا تعلمون) !!

    من هذه الآية نأخذ قوله تعالى: (إني أعلم ما لا تعلمون) فكل الفساد وسفك الدماء الذي سيفعله هذا الخليفة في الأرض وتعللت به الملائكة سبباً في استغرابها واستعجابها لم يكن منطقياً أو مبرراً عند الله إذ كونه سبحانه وتعالى يعلم ما لا تعلمه ملائكته… وعليه فمهما ظهرت حركات ما تسميها بـ (الإسلام السياسي) وتضع الملامة عليها وتتهمها كما يتهمها غيرك بالنقص أو الأنانية والنفاق فهي وغيرها من وراءهم تغييرات جذرية وتقلبات فكرية واجتماعية مهما بعدت فلن تبعد عن حياضها ومناهلها وهو الإسلام وسيعود الإسلام كما أراد الله له فهو سبحانه: (يعلم ما لا تعلم يا دكتور زهير)!!

    سؤالي لك أيها الدكتور الذي حكمت على حركات (الإسلام السياسي) بخياري اتباع النظام التركي أو الفناء… هل أنت تعلم الغيب أم أنك قرأت التاريخ الذي سيكون وليس التاريخ الذي مضى لتخرج لنا بحقيقة فناء حركات (الإسلام السياسي) ما لم تتبع النظام التركي ؟!

    أعلم أيها الدكتور أن الحضارات والأمم والثقافات والمذاهب والطرق والأحزاب لا تزدهر ولا تضمحل بجرة قلم منك أو من غيرك… هذه منظومة كونية كبيرة في حركة الحياة وتدافع الناس وتداول الثقافات وتغير الأجيال وليست صندوق لفرز صوت (مائة ناخب) في قرية صغيرة لاختيار عمدة لها ؟!

  2. شعارات الحركات الاسلامية التي تحدث عنها الاخ أبوعبدالله لاخلاف عليها ولكن الخلاف في خطوط التوازي بين الشعارات وبين تطبيقها عند وصول هذه الحركات الي سدة الحكم .. كل الامثلة المذكورة في المقال طبقت نموذج سييء يتخذ من العنف سبيلا للآقناع وهادينا وامامنا وشفيعنا يدعو الي ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ..ولو كان فظا غليظ القلب لانفضوا من حوله .. والعدل أساس الحكم في الاسلآم .. أين هو العدل في كل النماذج المذكورة … البون شاسع بين النظرية والتطبيق ..و بين الشعارات والممارسة وليتنا نري أي بادرة اجتهاد لحسن التطبيق لكنا نقول أن لهم أجر الاجتهاد ..أما أن يتواري الظلم والفساد خلف ستار الدين حتي يظل بمنأي عن النقد فلا والف لا .. هدانا الله واياهم الي مايحب ويرضي ..

  3. انا ايد كلام الاخ عبد الله علي انه ليس هنالك اسلام سياسي او اعتدال كما يقول الغرب فان الاسلام هو الحل الوحيد الذي لا مفره منه في الدنيا والاخرة.