مصطفى أبو العزائم

(نعمات بلال).. والخروج الذي يوافق الهوى..


[JUSTIFY]
(نعمات بلال).. والخروج الذي يوافق الهوى..

أجد نفسي معتزاً بإفساح هذه المساحة اليوم لزميلة كبيرة وصحفية مهنية رفيعة، تقلدت أخطر المهام وجلست على أرفع المواقع في دنيا الصحافة السودانية، وهي من الرائدات في هذا المجال، فقد كانت السيدة الفضلى الأستاذة نعمات بلال أول مديرة لوكالة السودان للأنباء، ولم تأتِ بعدها إمرأة إلى ذلك الموقع، كما أنها كانت الملحق الإعلامي بسفارتنا في (نيروبي) إبان سفارة الراحل المقيم السفير على النميري- رحمه الله- وتلك فترة عصيبة من تاريخ السودان الحديث، شهدت مجريات التفاوض بين الحكومة والحركة الشعبية، والتي انتهت بالتوقيع على إتفاقية السلام الشامل.

أسعد اليوم كثيراً بنشر ما خطه يراع الأستاذة الكبيرة والرائدة نعمات بلال تعقيباً على مادة نشرناها من قبل.

***

الخروج الذى يوافق الهوى

أخى مصطفى ..

فى ( تغريدة ) لك فى عمودك المقروء ( بعد و مسافة ) و بتاريخ الأثنين الأول من سبتمبر 2014 م ، سطرت موضوعاً بالعنوان أعلاه . ففى رحابة صحيفتكم الغراء ، فإن مدخلى للأمر هو نفس مدخلك ، وأرجو ألا أثقل عليك و على قرائك الأعزاء بإيراده مرة أخرى ، فهو لب الموضوع الذى دفعنى للتعليق . تقول ( أحياناً يجد البعض نفسه محرجاً أمام الآخرين الذين يعطون أنفسهم الحق فى أن يختاروا لذلك البعض ما يرون أنه ضروري ، و يأتى الحرج دائماً من تضارب ما إختاره البعض لغيرهم دون موافقتهم رغم عدم ميل الآخرين لذلك الإختيار لكنهم يرون أن ما قام به غيرهم إنما يأتى من باب حسن الظن ) . هنا بيت القصيد .. فلا يمكن لأحد قائداً كان أو مسئولاً فى أى مستوى ، أو عاملاً بالعمل العام أو الطوعى أو الخاص أو حنى قائداً محلياً أو زعيماً عشائرياً ، أن يلجأ لأحد إلا بحسن الظن و العشم فيما يمكن أن يقدمه ذلك الشخص الذى إختاره . فمن غير المنطق أن يختار أحد شخصاً ليعمل معه أو له و هو يعلم انه يتدثر بالروح العدائية أو سوء الخلق أو فقر الإمكانيات و عدم القدرة على تحمل التكليف . إلا إذا كانت المهمة المطلوبة شراً أو إثماً ، و هذا ليس بموضوعنا . ولذلك كان حسن نية هؤلاء و خير قصدهم يجعلك محرجاً – كما ذكرت إلى أن يجعل الله لك مخرجاً .

أما و قد إختارك الرئيس الراحل جعفر محمد نميري أنت و زميلنا نجيب نور الدين لتكونا فى قيادة إتحاد الشباب السوداني ، فأنا على يقين بأن الإختيار قد تم وفق المعطيات التى ذكرنا .

الرئيس نميري رحمه الله كان عندما يختار الناس لمهام فإنه يختار ( الشُـّطار ) بتشديد الطاء . وهى صفة ظلت تلازم خياراته و يؤكد عليها بنفس الصيغة ، فهناك الوزير الشاطر و المدير الشاطر و الضابط الشاطر ، و الصحفى الشاطر .. حتى العامل الشاطر . وعلى هذا فأنت و نجيب تعتبران فى نظره من ( الشطار ) بصرف النظر عن أن الإختيار كان للإتحاد الإشتراكى أو الجهاز التنفيذى أو غيره . و معلوم أن فترة حكم الرئيس نميري تميزت بإختياره للكفاءات المهنية الوطنية ( التكنوقراط ) سواء لمواقع الوزراء أو وزراء الدولة أو الوكلاء أو المديرين العامين أو السفراء .. الخ . ومعظم هؤلاء لم يكونوا أعضاء فى الإتحاد الإشتراكي . وأن هنا لست بصدد تناول تجربة الإتحاد الإشتراكي سلباً أو إيجاباً ولكن هنالك العديد من أبناء هذا الوطن الأكارم المميزين كانوا أعضاء ً فيه .

لا بد أن أذكر لك واقعة عايشتها بنفسى و أنا أغطى أحد زيارات الرئيس الداخلية . إذ أنه كان قد إعتاد و بعد إنتهاء كل زيارة و صعوده للطائرة ، أن يجلس إلى أعضاء الوفد فى جانب من الطائرة على كراسى متقابلة تشكل صالوناً صغيراً . ومن عادتى أن أنتهز هذه الفرصة لأحظى ببعض التصريحات أو التوضيحات من الرئيس أو من أعضاء وفده المرافق . جئت للرئيس نميرى و أخذت تصريحاً ، و بعد أن إنتهيت قال مخاطباً الجالسين معه « شفتوا البت دى شاطرة كيف ؟ « و هنا إنبرت له عضو الوفد – و كانت قيادية نسائية قائلة « لكن يا سعادتك ما عندها أى نشاط فى إتحاد الشباب و لا إتحاد النساء ! «

رد الرئيس بسرعة و هو يلوح بيده « خلوها فى صحافتها دى « ثم خاطبنى قائلاً « أوعي تسمعي كلامهم دا « .

لقد شهدت الكثير من مثل هذه المواقف التى كانت توضح أن الإلتزام المهنى كان مقدماً على الإنتماء السياسي عند الرئيس الراحل جعفر محمد نميري ، متى ما دعت الضرورة و تطلب الموقف . و الناس فى السودان بطبيعتهم يعرفون بعضهم البعض . من .. و يفعل ماذا .

أخى مصطفى .. إن شاء الله قد إطمأن قلبك بعد كل هذه السنوات الطويلة .. تحياتي لنجيب .

{ نعمات محمد بلال __ خبير إعلامى
[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]