عبد اللطيف البوني

(الزول ابوعشرة) ياهو الفضل


[ALIGN=CENTER](الزول ابوعشرة) ياهو الفضل[/ALIGN] كل يوم تحط طائرة بمطار عمان قادمة من الخرطوم على متنها مائة مريض هذا في الصيف ويتقلص العدد في الشتاء الى خمسين أو ستين مريضاً في اليوم (الوجع). هناك مكاتب العلاج بالخرطوم نحن نسميهم السماسرة يقومون بالترويج لبعض المستشفيات في الاردن ويقومون بالتسهيلات ويأخذون نسبة تتراوح بين الخمسة عشر والخمسة وعشرين في المائة من المستشفى الاردني وفي النهاية تؤخذ هذه النسبة من المريض لانها تضاف للفاتورة. بصريح العبارة اولئك السماسرة يقومون بعملية غش للمرضى (نصيحة تخدرك ياسيادتك).
السماسرة يأخذون رسوماً للتأشيرة مع ان السفارة الاردنية تمنحها مجاناً ويأخذون قيمة التذكرة كاملة ستة شهور ويقدمون تذكرة مدتها شهر واحد لأن سعرها اقل واذا زاد المريض على الشهر يدفع الفرق الذي قد يصل مائة وعشرين دولاراً. المريض الذي لا يستطيع الجلوس على المقعد يحجزون له ثلاثة مقاعد في الذهاب وتذكرة واحدة في الاياب على اساس انه سيعود معافى (طبعا يضربون سعر التذكرتين؟).
ان الامر وصل الى ان السماسرة يقولون للمستشفى الاردني الذي يتعاملون معه جاييكم زول ابوعشرة أي تكلفة علاجه عشرة آلاف دولار(ابوالزفت).
هناك فئات خاصة متعاقدة مع المستشفيات الاردنية كالقوات المسلحة والشرطة والجمارك والطيران المدني وهيئة الموانيء البحرية والسفارة لا علم لها بهذه التعاقدات او الاتفاقيات وبعد العلاج ترسل الفاتورة للسودان وهي اكثر من اللازم ومبالغ فيها ونادراً ما يعرف المريض تكلفة علاجه لأن الفاتورة لا تسلم للمريض وتذهب مباشرة للجهة التي يعمل بها المريض (أصلها خربانة خربانة).
السماسرة في السودان وفي الاردن يعملون لصالح المستشفيات وهم يستدرجون المريض ويأخذون منه مبالغ كبيرة اضافية حتى ترتفع نسبة الخصم الخاص بالسمسار عليه لابد من وجود مستشار او ملحق طبي من وزارة الصحة السودانية ونحن ننتظر الملحق الطبي منذ فترة حتى يحمل عنا هذا الهم والسفارة ستقدم له كل المساعدة وتوفر له سيارة(ياهو الفضل).
وبعد عزيزي القاريء كل الكلام أعلاه خارج الاقواس للسيد محمد عثمان محمد سعيد سفير السودان بالاردن في مقابلة له مع هذه الصحيفة اجراها الاستاذ التاج عثمان الذي ذهب للاردن في مهمة صحفية تتعلق بالمرضى السودانيين الذين يستشفون بالاردن الشقيق والمقابلة مطولة فيها الكثير المثير ومن أرادها كاملة فليرجع لها في عدد الثلاثاء 23 يونيو الجاري. اما ما اقتطفناه منه فهو الذي يفقع المرارة ويهيج القولون وربما يضطرنا للعلاج بالاردن اذا كانت الجهة التي تخدمنا لديها تعاقد مع مستشفى اردني (ما الحكاية بقت موضة) عليه لابد من ان نشكر سعادة السفير على صراحته ومعلوماته الثرة فهو ليس ضد العلاج بالاردن لا بل وصف مستشفياته بأنها ممتازة واطباءها بالصادقين ولكنه أشار للسلبيات المصاحبة لعمليات الانتقال للعلاج بالاردن الشقيق وقد شخصها باقتدار وجهها للرأي العام لانها تخصه وهذا من صميم عمله.
أما نحن الشعب السوداني الفضل فيحق لنا لا بل يتوجب علينا ان نلطم الخدود ونشق الجيوب و(نكورك) الى ان ينشرخ حلقومنا ونسأل أين أطباؤنا؟ وأين علماؤنا؟ وأين كليات الطب عندنا اذا علمنا ان مدرسة كتشنر الطبية نواة كلية طب جامعة الخرطوم عمرها الآن ناهز القرن من الزمان؟ وأين القطاع الخاص الطبي؟ فعشرات لا بل مئات الملايين من الدولارات التي تخرج سنوياً بنية العلاج في الاردن ومصر وسوريا ولندن أليست كفيلة بتوطين العلاج بالداخل؟ ومن يقف خلف هؤلاء السماسرة؟ عليكم الله لو الواحد ضرب رأسه بالحيطة دي ماليهو حق؟

صحيفة الرأي العام – حاطب ليل
العدد(22692) بتاريخ 29/6/2009)
aalbony@yahoo.com