عبد الجليل سليمان

الإذاعة والتلفزيون.. انعاش عاجل


[JUSTIFY]
الإذاعة والتلفزيون.. انعاش عاجل

(قوميان).. هكذا ظلا يوصفان منذ عقود طويلة وخلال فترتي (معتصم فضل) في إدارة المؤسسة الأولى، و(محمد حاتم) في الثانية. لكن كثيراً من السودانيين ظلوا يعتقدون بأن هذا الوصف (استهلاكاً) غير ضروري لمصطلح (قومي)، إذ لم تكن الإذاعة ولا التلفزيون في واقع الأمر كذلك.

فيما عدا بعض البرامج التي تُبث على فترات متقطعة مستهدفة الأرياف القصيِّة والثقافات (النائية)، ظلت هاتان المؤسستان (أم درمانيتين) على الأرجح، ومركزيتين بالتأكيد والقطع. ولهذا السبب بالذات و(أسباباً أخرى) بدا ذلك التوصيف كطيفِ نكتة عابرة، بما يكتنزه من مفارقات تجعلك ترتج ضحكاً وتغرورق دمعاً.

ربما كان للأثر المصري في (الاصطلاحات) القدح المعلى في (تسمية) الإذاعة والتلفزيون المركزيين في (أم درمان) قوميين. إذ أن المصريين مغرمون بهذا التوصيف، يطلقونه على المؤسسات الإعلامية الرسميِّة التي تتبع للنظام الحاكم (أي نظام) وتروج لتوجهاته الفكرية والسياسية والثقافية، الأمر الذي لاحقاً ومع التطور المُذهل والسريع في وسائط الاتصال وخروجها عن القبضات الرسمية القوِّية بُعيد انتشار وسيادة مواقع التواصل الاجتماعي، وإمكانية البث الإذاعي والتلفزيوني والنشر الصحفي (وغيره) على الشبكة الدولية (الإنترنت)، أطاح بتلك المؤسسات وجعل نسبة مشاهدتها أو الاستماع إليها ضعيفة جداً، إن لم تكن معدومة تماماً.

وبرأيي (المتواضع)، بأن لتوصيف تلك المؤسسات الإعلامية الضخمة بـ(القومية) دون أن تكون كذلك بالفعل، أثراً كبيراً في انسحاب الجمهور عنها إلى بدائل أخرى، أكثر واقعية ونجاعة وإلهاماً ووضوحاً بالنسبة لقطاعات وشرائح كبيرة من المُتلقين الذين لا يرون (قومية) في ما تطرحه تلك المؤسسات، بل لا يكادون يرون صورتهم أو يسمعون صوتهم خلالها. ولذلك فهي بالضرورة لا تعبر عنهم.

الآن، وبعد ذهاب (حاتم وفضل)، وهما على التوالي (سياسي وتنفيذي)، وتعيين (السموأل خلف الله) خليفة لهما نأمل أن تُزال وتُحذف اللاحقة الماكرة (قومية) من اسم المؤسستين، لتصبحا الإذاعة السودانية والتلفزيون السوداني (فقط)، إذ أن هذا الاعتقاد بقومية المؤسستين أعاق تطورهما إلى أن يصبحا كذلك بالفعل.

بالطبع، وبجانب ذلك، تحتاج المؤسستان كي تكونا معبرتين عن كل السودانيين إلى أن تُحقن مفاصلهما بكوادر وخبرات جديدة تتوفر على معرفة كبيرة وحقيقية (ليست مُدعاة)، بأحوال وثقافات السودان المحلية وقدراً من الخيال والروح الخلاقة والمبدعة والدؤوبة، حتى يمكننا (لاحقاً) إعادة مصطلح (قومية) إلى المؤسستين وهما كذلك بالفعل.

ربما يستطيع (السموأل)، إحداث هذا الفرق، فيما تمكن من إقناع (ماعونه السياسي) بذلك، وانتزع منه صلاحيات أكبر، تجعله يُحدِثْ التغيير الأهم في مسار المؤسستين العريقتين، وإلاّ فالخيار الآخر، هو: أن (درمة) ينتظر في الجوار.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي