حيدر المكاشفي

قفة الملاح مرقت بقد القفة

[JUSTIFY]
قفة الملاح مرقت بقد القفة

لا أعتقد أن سعادة النائب الأول للرئيس الفريق أول بكري حسن صالح كان دقيقا حين أتى على ذكر طيبة الذكر المرحومة (قفة الملاح)، في معرض خطابه الذي ألقاه في فاتحة هذا الأسبوع أمام مؤتمر القطاع الاقتصادي للحزب الحاكم، الذي يشغل فيه سعادته موقع نائب الرئيس للشؤون التنفيذية، والذي أقرفيه بتردي الأوضاع المعيشية للمواطنين مطالبا المؤتمرين بمضاعفة الجهود لتوفير (قفة الملاح) وتحسين سبل العيش للمواطن،ذلك في تقديري الذي أزعم أن النائب الأول نفسه لن يخالفني فيه، أن عهد (قفة الملاح) قد ولى وراح وحل بديلا لها (كيس الملاح)، ليس من حيث الشكل بل قبل ذلك وأهم من ذلك من حيث السعة والمحتوى والمضمون، اذ لم يعد الناس الان بسبب الأوضاع المعيشية المتردية التي أشار اليها النائب، وتدني مستوى دخل الفرد معطوفا على تدني قيمة العملة الوطنية في حاجة ل(قفة)، ويكفيهم فقط (كيس) صغير الحجم لحمل القليل مما يستطيعون شراءه من مواد غذائية،ذلك لمن يستطيع للشراء سبيلا وان كان قليلا بالكاد يقيم الأود ويطفي لسعة الجوع ويسكت قرقرة البطون من شاكلة (مس كول لحمة) وليس حتى ربع كيلو، حتى كادت أن تصدق فينا النبوءة المتشائمة التي تقول سيمر على البلاد زمان يضطر فيه المتسوق الى حمل نقوده في قفة عند ذهابه للسوق ليعود منه بأشياء محمولة في جيبه،وغير أولئك الذين يكابدون مشقة حتى شراء القليل هناك اخرون لا قبل لهم حتى بهذا الكيس على ضالته وقلة محتوياته كما ونوعا،منهم من صار يعتاش على فضلات الكوش ومقالب الزبالة، ومنهم من تفتقت (عبقريته) لمقاومة حالة الضنك والمسغبة عن أكلات شعبية عجيبة من أمثلتها (سندوتش الموز) و(أم بلقسات وكدارين الدجاج) الخ، ولا أظنني في حاجة لاضافة الأعداد الكبيرة من تلاميذ وطلاب المدارس الذين يقضون يومهم الدراسي وهم جوعى بلا فطور، وهذا والله على ما أقول شهيد ليس مبالغة مني بل حقائق لم أذكر منها الا أقل القليل والأمثلة (على قفا من يشيل)،ولهذا قلنا أن النائب الأول لم يكن دقيقا حين قال (قفة الملاح) وكان الأدق أن يقول على الأكثر (كيس الملاح)،على رأي والي الخرطوم الذي سمعناه مرة يقول(زمان كنا بنقول قفة الملاح لكن هسة قفة مافي)…

الحقيقة الماثلة والمعاشة الان هي أن (قفة الملاح قد مرقت بقد القفة) كما يقول المثل الشعبي في الشئ المفقود ،ونسأل الله أن لا يكون خروج بلا عودة،فالقفة التي كانت ملء السمع والبصر وترمز للخير والبركة والبسطة في الرزق والبحبحة،لم يعد لها بهذا المعنى وجود في حياة الناس الا فئة قليلة جدا حتى لا نعمم،ويبدو أن هذه الفئة القليلة جدا على قول مثل شعبي اخر قد (شيلت السواد الأعظم القفة) واستأثرت بالمطايب،وحسنا تفعل السلطة الان وعبر رجلها الثاني بالالتفات لمعايش الناس التي تعتبربلا جدال أم القضايا،ولننتظر لنرى ماذا هي فاعلة في هذا الملف…
[/JUSTIFY]

بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي