عبد الجليل سليمان

قطع رقبة.. داعشية برلمانية


[JUSTIFY]
قطع رقبة.. داعشية برلمانية

إذا كان بالفعل برلماناً (فقط لا غير) فينبغي أن لا تتجاوز مهامه ثلاثة أمور هي (التشريع، الرقابة على أعمال الحكومة، وتمثيل الشعب أمام الحكومة)، لكن البرلمان الماثل على شاطئ النيل العظيم، وبينما تمتلئ رئتيه من أريج نسائمه العليلة، يتجاوز أغراضة ومهامه إلى أخرى، ليس جهلاً بها، وإنما لـ (تشتيت الكورة) في كل الاتجاهات.

و(تشتيت الكرة) هذا، تكنيك يستخدمة المُدربون حينما يكون فريقهم ضعيفاً ومُرشحاً لينال هزيمة نكراء وثقيلة، أو حال لعبهم خارج بلادهم وبعيداً عن قاعدتهم، ويريدون الحصول على (تعادل) أوالخروج بأقل الخسائر. لكنه في معظم الأحوال لا يحقق المرجو منه بل ينقلب إلى ضده حتى يثير على (الفرقة) سخط وغضب الجمهور الباحث عن المتعة لا (التخريب والتشتيت)!!

وفيما لو افترضنا أن رئيس البرلمان السوداني (الفاتح عز الدين) هو مدرب (المُنتخب) و(المُعين) معاً، فإنه ننوه إلى أن طريقة لعبه التي يعتمد فيها على مبدأ (تشتيت الكرة) قد تأتي بنتائج عكسية (مريعة وفادحة)، خاصة وأنها لا تتجاوز المهام الثلاث للبرلمان (المشار إليها آنفاً)، وحسب، بل وتتخطاها إلى خطاب (هتافي/ صراخي/ تهديدي) و(بالوني) في آن، وحتى لا يظنن أحداً أننا نفتئت على برلماننا (الموقر)، دعونا نضرب لكم مثلين (أملحين أقرنين)، أولهما أن البرلمان قال الأسبوع المنصرم، ما معناه، إنه (سينزل) السوق و(يخفض) الأسعار، فقلنا له حسناً (لن تفعل) ذلك، ولم يفعل، لأنه لو فعل سيكون قد تجاوز صلاحياته المنصوص عليها دستورياً.

لكن ها هو رئيسه يتوعد في أديس أبابا هذه المرة، بقطع رقبة كل من يتورط في تعطيل تطبيق قانون الاستثمار، وأن برلمانه سيمضي بحزم في تطبيق القانون!! فسبحان الله الذي أسرى برئيس البرلمان من التشريع والرقابة إلى القضاء والتنفيذ!

ثُمّ، وبعيداً عن تجاوزه لصلاحياته الدستورية، ألم يجد (الفاتح) في هذه الظروف الدولية والمحلية المُعقدة كلمة أفضل من (قطع الرقاب) ليؤكد بها عزم وإرادة برلمانه المُستعارتين من الجهاز التنفيذي (الحكومة)، على تذليل عوائق الاستثمار المُتمثلةِ في الأساس كما بدا من تصريحه في مجموعات نافذة تعمل بدأب لمقارعة الاستثمار ونفيه، و(تشتيت كورته) و(تفريق دمه) من أجل تحقيق مآرب شخصية ومصالح ذاتية. ألم يجد الوزير بين ظهراني اللغة العربية بكناياتها واستعاراتها ومجازاتها وتشبيهاتها وقواعدها ونحوها وصرفها وبيانها غير هذه العبارة الداعشية المريعة والفادحة والدموية ليُهدد بها هذه المجموعات المُعيقة، ألا يخشى من أن المستثمرين أنفسهم سيشعرون بالرعب حتى لو أطلقت في صلاحهم الآن، فقد تنقلب يوماً ما إلى نحورهم ورقابهم.

أيها البرلمان، تمهل قليلاً، وامسك عليك لسانك، وكن حذراً، واتئد، وانتبه، وكُل مما يليك!!

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي