من يحكم الخرطوم؟.. تجريب المُجرّب
اللافت في تقرير تحت عنوان (من سيحكم الخرطوم؟) أنجزته الزميلة (هبة عبد العظيم) لصالح عدد أمس من يومية (السوداني)، إن المرشحين السبعة لـ (استداد) سُدة ولاية الخرطوم، من الوجوه القديمة والمجربة، فالمُرشح الوالي الراهن (عبد الرحمن الخضر) ظل يتقلب مُتقلداً ذات المنصب في عديد الولايات سنيناً عددا، دونما إنجازات حقيقية مؤثرة بشكل إيجابي على حياة المواطن اليومية، ولكم في (المواصلات العامة) مثالاً حياً.
ما أثار دهشتي هو إيراد التقرير لاسم وزير الدفاع (عبد الرحيم محمد حسين) ضمن قائمة المرشحين لهذا المنصب، وبحسب تقديراتي الشخصية إن الرجل ينبغي له فيما لو غادر (الدفاع)- أن يستريح ويفسح المجال لغيرة من الكوادر الشابة ذات الصلة بالعمل الإداري المدني من المتخصصين والخبراء في (الخدمة العامة)، ويا حبذا لو كان (تكنوقراطياً).
بقية المرشحين، كلهم مجربون، ولا تتناسب إنجازاتهم الحقيقية على الأرض مع ما يروج في وسائل الإعلام، فلا أحد منهم أنجز مشروعاً تنموياً ضخماً أحدث نقلة نوعية في حياة سكان الريف والطبقات الأكثر فقراً بمن فيهم والي البحر الأحمر (ايلا) الذي ورد اسمه ضمن القائمة.
ما لفت نظري، ذلك المعيار القاسي الذي ورد في التقرير، ضمن معايير اختيار والي الخرطوم، إذ أشار التقرير إلى أن أحد المرشحين وهو مدير هيئة مياه الخرطوم الحالي (جودة الله عثمان) صاحب التصريح الشهير عن عزم هيئته تصدير مياه نقية لدول الخليج، في الوقت الذي لا يجد فيه قطاع واسع من سكان العاصمة (الخرطوم) ماءً عكِراً، يمتع بما أسماه (إرثاً قبلياً) بوصفه معياراً مركزياً ومحورياً لترشيحة (والياً) للولاية.
بهتني هذا المعيار (المُهبب) بالطبع، وهو معيار يطعن عميقاً في جهاز الدولة، وفي مؤهلات كثيرين ممن يتسنمون وظائف عليا بها، وفي نظرية الحقوق والواجبات القائمة على مفاهيم المواطنة والمؤهلات والخبرات الشخصية، وعدم التمييز بين الناس على أُسس عرقية وجهوية وعنصرية.
ثم، ما معنى (إرثاً قبلياً) الواردة في التقرير معياراً لتولي وظيفة عامة، وهل من يفتقد لهذا الإرث (إن وجد) سيكون مُفتقراً لمؤهل مهم وحيوي؟
على كلٍّ، كل هؤلاء المرشحين، بمن فيهم (الحاج عطا المنان، وحامد صديق، وصديق الشيخ)، بغض النظر عن معايير اختيارهم مرشحين لمنصب الوالي، حدث وأن تم تجريبهم في وظائف مماثلة ومناظرة، فما هي ثمارهم الماثلة حتى نعيد (زرعهم) من جديد، ثم نحصد السراب والهشيم.
[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمانالحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي