في حاجات ما بريئة
:: شكراً للوزير بحر أبو قردة وهو يعلن عن إستئناف حملة مكافحة مرض التراكوما بالقضارف وغيرها، وذلك بعد توقفها – مطلع الأسبوع الفائت – من أثر الصخب غير المسؤول لبعض المسمى بالمسؤولين.. منظمات المجتمع المدني، وخاصة الدولية منها والإقليمية (حساسة للغاية)، وتحب العمل بهدوء، و تسارع في إيقاف نشاطها والخروج من مناطق خدماتها حين يُصيبها ( أي رشاش).. وهذا ما كان سيحدث بالقضارف وغيرها من مناطق السودان التي في قائمة منظمة الصحة العالمية ومركز كارتر ومبادرة مكافحة التراكوما، لو لم تتدخل وزارة الصحة الإتحادية بهذا القرار المسؤول الذي يُعد بمثابة حماية لمن يكافحون العمي في البلاد ( بلا ضوضاء)..!!
:: والتصريحات غير مسؤولة، ويجب عدم إطلاق الشائعات بشأن المضاد الحيوي والوقائي لمرض التراكوما، و(أحياناً في حاجات ما بريئة)، أو هكذا جاء نص تصريحات الوزير بحر في سياق إستنكاره لصخب الأسبوع الفائت غير المسؤول .. فالوزير يعلم، وكذلك الأطباء، بأن عدم الوقاية من التراكوما بهذا المضاد الحيوي يعني تقريب أكثر من (10%) من أطفال السودان إلى ( دائرة العمى).. فلماذا هذا التشويش والصخب غير المسؤول في حملة وقائية تناول مضادها الحيوي – مجاناً – أكثر من مليون طفل سوداني خلال السنوات الفائتة؟.. فالوزير بحر يقول بالنص : ( أحياناً في حاجات ما برئية)..!!
:: ولقد صدق، أي وراء كل تضليل عام ( مصالح ذاتية)..وإكتشاف مصادر المصالح الذاتية التي تقف وراء تضليل أهل القضارف بحيث يمنعوا أطفالهم من تناول مضاد الحيوي – أزيثرومايثين – مجاناً لوقاية أبصارهم من مخاطر العمى، إكتشاف مصادر هذه المصالح الذاتية ليس بحاجة إلى ( كثير ذكاء)..علماً أن هذا المضاد الحيوي- بنفس المواصفة والتركيبة وتاريخ الصلاحية- يُباع في صيدليات السودان بأسعار تترواح ما بين ( 15/ 65 جنيها)، حسب دولة المنشأة..تلك هي أسعار المضاد الحيوي المفترى عليه بالأسواق ، ولكن – بفضل الله ثم منظمة الصحة العالمية ومركز كارتر و البرنامج القومي لمكافحة العمى – يُوزع مجاناً لأطفال السودان بالقضارف وغيرها منذ سنوات، ولكن – فجأة كده – صار هذا التوزيع المجاني محاطاً بصخب غير مسؤول، ( ليه؟).. فالإجابة، كما يقول الوزير بحر : ( أحياناً في حاجات مابريئة)..!!
:: وعليه، مع أخذ توجس الوزير بحر أبوقردة في الإعتبار، يجب التذكير بأن بُنيان هذا الوطن المنكوب لن يبلغ يوماً تمامه ما لم يُغلب كل فرد في مجتمع الوطن ( العام على الخاص)..وسوف يتواصل المزيد من الإنحدار في كل مناحي الحياة في حال تواصل نهج تغلب المصالح ( الخاصة على العامة)، أو كما يحدث حالياً، ليس فقط في ميدان مكافحة العمى ومرض التراكوما، بل في كل ( العمل العام).. فالفرد لايتطور – إقتصادياً وإجتماعياً وثقافياً – بمعزل عن تطور وطنه ومجتمعه..وما لم يكن تطور هذا الفرد نابعاً من تطور مجتمعه وراسخاً في نهضة وطنه، يعيش هذا الفرد كما الصخر بلا مشاعر و تكون حياته الإنتهازية كسقف بلا أعمدة وقابل للإنهيار في (أي لحظة)..المهم، اكبحوا جماح إنتهازيتكم قليلاً أيها السفهاء..و ( أحيانا في حاجات ما بريئة)، عبارة وقعها – على الأنفس السوية – مؤلمة حين يكون المستهدف بحملة التضليل أطفال يقون أبصارهم من العمى .. حفظهم الله.
[/JUSTIFY]
الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]