الحوثيون ليسوا أغبياء
ما فعله الحوثيون في صنعاء بعقدهم لاتفاق مع سلطة فقدت كل ما تملك من قوة بعد سيطرتهم على الأمور بالكامل تقريباً، هذا الذي فعلوه قد يبدو غريباً بالنسبة للكثيرين لكنه أمر عادي وتصرف متوقع لمن يعرف الاستراتيجية التي تتبعها إيران ووكلاؤها مع الدول التي تنوي إيران التهامها.
إيران لا تسعى لحكم اليمن الآن لكنها تخطط للمستقبل، وتختار الوقت المناسب الذي ترسل فيه إشاراتها بإنزال قدر الطبخ الناضج من على النار..
إيران في البحرين تتبع نفس منهجها الذي اتبعته في اليمن حيث أن شيعة البحرين الذين يمثلون المعارضة للنظام الحاكم لا تجد من بين مطالبهم تعيين رئيس وزراء من حزبهم الطائفي لكنهم يطالبون بأن يكون المنصب بالانتخاب بتعديل الدستور مع موافقتهم على أن يشغل المنصب حالياً قيادي من طائفة أو قوى سياسية أخرى أو حتى من الأسرة الحاكمة نفسها.. فهم لا يريدون المنصب اليوم ولا يريدونه غداً لأنهم يخططون بأمر المرشد الإيراني للسيطرة على هذا المنصب بعد الغد..
هذا الذكاء الإيراني الخبيث أعان الحوثيين في اليمن، على أن يوقعوا اتفاقاً مع السلطة بعد أن أسقطوها بأيديهم، لأنهم على يقين أن مرحلتهم لم تأت بعد، وأن اليمن بوضعها الحالي وفي الظرف الذي تعيشه المنطقة لن يطيب لهم المقام على مقعد السلطة فيها ولن يذوقوا لها طعماً.
لأن الحوثيين يعرفون متى يقررون الاستفراد بتجربة الحكم وهذا هو الفرق بينهم وبين الإخوان المسلمين الذين لا يتمتعون بهذه النظرة الاستراتيجية ولا يدرسون حسابات الربح والخسارة حين تتوفر أمامهم فرصة الحكم ولا تتوفر لهم شروط أخرى مطلوبة لنجاح التجربة..
وعلى كل حال فإن الحوثيين كانوا يدركون أن السعودية ودول الخليج لديها الآن أولوية اسمها القضاء على الإخوان في كل مكان.. والإخوان هم الخصم الميداني للحوثيين في اليمن، وهذا الاتفاق سيحقق للسعودية ما تريده وبالتالي فإنها ستبارك وتدعم وبالفعل رحبت السعودية بالاتفاق الذي يوفر للحوثيين المشاركة في الحكومة الجديدة ومن موقف القوة وليس موقف الضعف وهذا بالنسبة لهم أفضل بكثير من المخاطرة بالاستفراد بمحاولة حكم صنعاء خاصة وأنهم يعرفون تماماً أن قاعدتهم الجماهيرية في صنعاء ضعيفة ولا تمكنهم من حكم اليمن بمفردهم وأن وجودهم الحقيقي متركز في صعدة ومناطق الشمال اليمني، لكنهم على الأقل حققوا الآن قسمة لهم في السلطة بعد أن كانوا قد حُرموا من المشاركة في اتفاق نقل السلطة بعد الثورة والذي تم بترتيبات خليجية.
ستفرحون بالاستقرار الوهمي في اليمن حتى تخرج لكم إيران من هناك بعد أن تستمتع بفترة (الحضانة) والتسمين.. لتمتص ما تبقى من رحيق العروبة فانتظروها.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
[/JUSTIFY]جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي