عبد الجليل سليمان

المُستهبلات قصمن ظهر الحملة


[JUSTIFY]
المُستهبلات قصمن ظهر الحملة

(أمسك عليك بقلمك ليوم كريهة وسداد ثغر). وكأني بجل العاملين في هذه المهنة على هذه الأرض المسومة بـ (السودان) يرددون عبارة مشابهة لتلك التي ما بين القوسين أعلاه.

وربما تأسياً بما (قطعته من رأسي)، واعتبرته مثلاً يحتذى وحكمة تُتبع، أمسكت عن تصريح مدير عام وزارة الصحة بالقضارف حينما وصف الطالبات المُغمى عليهن بفعل تناولهن عقاراً وقائياً من مرض (التراكوما) وزعته عليهن الوزارة بأنهن (مستهبلات).

أمسكنا القلم قليلاً عن التصريح القاسي وغير المسؤول لمدير عام صحة القضارف، وانتظرنا ريثما (يكف عن دواره المكان)، كما قال الشاعر الفذ (عبد القادر الكتيابي)، وبالفعل كان وزير الصحة الاتحادي (بحر أدريس أبو قردة) في الزمان والمكان الصحيحين، إذ شدد في مؤتمر صحفي على ضرورة ضبط المعلومات والانضباط في التصريحات.

هذا تصريح ضروري، فدعوني أثني على الوزير أن أطلقه في الوقت المناسب، حتى تكف صحة القضارف لسانها (وعقارها) عن العالمين، لكنه ليس كافياً ليُعيد الأمور في الولاية المنكوبة نصابها، فوزارة الصحة هناك أُبتليت بمسؤولين لا يجودون حتى باللسان، دعك عن الأيدي (فلا كانوا ولا الجود).

بالطبع، ليس من الأخلاق والمروءة والوطنية في شيء أن تفشل حملة التطعيم ضد هذا المرض الخطير، فيصيب العمى أطفال السودان، رجال المستقبل، لذلك نحث المواطنين بالولاية على الاستجابة للحملة وعدم مقاطعتها حفاظاً على صحة أطفالهم.

لكن لن يأتي دعمنا – بصفتنا إعلاماً – للاستجابة لهذه الحملة ونجاحها ثمارها، ما لم ينهض تحقيق فعلي عن ما حدث جراء تناول العقار، وأن تتم محاسبة المسؤولين عن ذلك، بجانب مطلقي التصريحات المستفزة و(الغبية) مثل وصف المتأثرات جراء تناولهن العقار بالمستهبلات، أو محاولة الالتفاف على الحادثة الشنيعة وتعليقها على شماعة الخارج (العقار أميركي)، كما صرح مسؤول آخر بوزارة الصحة القضارفية، محاولاً تصوير الأمر وكأنه مؤامرة من (قوى الاستكبار العالمي) لإعماء أطفال السودان. (يا راجل؟) قل خيراً أو أعد لسانك إلى حلقومك!

هؤلاء، ينبغي محاسبتهم، لأنهم من أفشلوا الحملة بتقاعسهم مبتدأ عن اختبار الدواء، ثم أعقبوا فشلهم الأولي ذاك، بتصريحات أقل ما توصف به أنها غاية في السطحية وبعيد عن الحصافة واللياقة واللباقة والذوق، الأمر الذي يهدد بفشل الحملة حينما تُستأنف في القريب العاجل.

إذا أردتم نجاح الحملة – حين استئنافها – ينبغي عليكم أن تعلنوا نتائج التحقيق فيما حدث، وأن تحيلوا كل من أطلق تصريحاً غير مسؤول أو لائق إلى (قعر بيته) يتمتع بمعاشه ويجلس على كرسيه الهزاز ويقرأ الصحف. وما لم تفعلوا فابشركم بفشل الحملة القادمة، وأراهن على ذلك.

[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمان
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي