تلك الهرجلة السياسية
كل قضايا وموضوعات الحوار وكل ملفاته التي من المفترض أن تحتفظ بها القوى السياسية وتنتظر حتى تقوم بمناقشتها بموضوعية ومعالجتها على الطاولة، أضحت تتقاذفها الآن “مينشيتات” الصحف عبر تصريحات متناطحة ومتجاذبة ومتقاطعة وطائرة في الهواء..
وصرنا نستيقظ كل يوم على ثرثرات جديدة لن أصفها بأنها مواقف جديدة، لأنه وبكل الأسف لا تستحق هذا الوصف، فنحن كمراقبين لا نكاد نمسك بلسان أحد حتى نلتقط له كلاماً نهائياً متناسقاً ومنسجماً مع توجهاته ثم نوثِّق له موقفاً.. هي محض ثرثرات ومحاولات إثبات وجود مثلها مثل مشاركات معظم الحضور بالرقص في آخر أغنية في حفلات بيوت الأعراس حيث لا حرج على من لا يتقنون الرقص ولا مجال، بل لا داع أصلا ً للاهتمام برصد مهاراتهم في الأداء..
قضايا الحوار التي من المنتظر مناقشتها على الطاولة هي الآن (مبهولة) على قارعة الطريق، وقيادات الساحة السياسية معظمهم مثل الباعة المتجولين، تجدهم يحملون بضاعة النضال الثوري بيد وباليد الأخرى لافتة الحوار، بجانبها بطاقة ود للجبهة الثورية وكرت دعوة من المؤتمر الوطني، ثم تسمع من لسانه عروضاً ترويجية أخرى حسب المزاج العام للزبائن..!
وفي الحقيقة أنه لم يعد هناك زبائن.. فقد مل زبائن السياسة في بلادنا استهلاك البضائع المغشوشة وضاقوا وتذمروا من سوء وضعف جودة تلك البضائع المعروضة وبلا تعويض..
وعلى سبيل المثال، في الوقت الذي يدافع فيه كمال عمر عن جدية الحزب الحاكم في دفع استحقاقات الحوار الوطني، ويقول إنه لم يصب بأي إحباط تجاه عملية الحوار الوطني.. يعود كمال وفي نفس منبره مشدداً على أن حزبه سيقاطع العملية الانتخابية في ٢٠١٥.!
وكذلك الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، بزعامة محمد عثمان الميرغني، والشريك للمؤتمر الوطني، تحدثنا الجبهة الثورية عنه بأنه سيقاطع الانتخابات بحجة التوقيت.. والذي يتمسك به المؤتمر الوطني حسب جدوله المعتمد حتى الآن، فهل الأنسب هو طرح كل هذه الأمور الآن وبهذه الطريقة القطعية قبل بدء الحوار أم من الأفضل والأنسب تركها بعد مباشرة الحوار لإقناع الحكومة بالعدول عن توقيت الانتخابات أو ما يتم الاتفاق حوله حينها.؟
هل صار الشيء الأهم بالنسبة للقوى السياسية هو استعراض عضلاتها إعلامياً حتى ولو تسببت تلك الاستعراضات في تشتيت كرة الحوار نفسها قبل بدايته أم الأهم هو الدخول في الحوار وانطلاقه بأكبر نسبة من المشاركة، ثم ترك كل تلك الترتيبات والتي قد تتحول لأمور إجرائية في وقتها المناسب ومكانها المحدد للنقاش.؟
إن ممارسة العروض الجانبية من القوى السياسية المؤيدة والمعارضة للحوار بغرض إقناع الرأي العام (المسكين) ليثبت كل واحد فيهم أنه هو الأصدق والأكفأ والأفيد للبلد، هذا السلوك في حد ذاته وبما فيه من سطحية وظن خاطيء بسذاجة السودانيين، هذا السلوك يطعن في أهلية أصحابه بالثقة فيهم.
ارحمونا وكونوا أكثر صدقاً مع شعاراتكم الوطنية، لأن الوطن يحتاج لعقلية الحل ولا تنقصه المينشيتات العريضة والترويج الساذج لبضائع يدلل الترويج المكثف لها أنها فعلا ًضعيفة الجودة والصلاحية.
شوكة كرامة:
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
[/JUSTIFY]جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي