عبد الجليل سليمان

العلاج بالعض ونملة النبي


[JUSTIFY]
العلاج بالعض ونملة النبي

أصبت بالدهشة والخجل في آن، وأنا أرصد ردود الأفعال حول الطريقة التي يستخدمها الشيخ (محمد الهاشمي) في علاج مرضاه، إذ يعضهم عضاً. وسبب دهشتي أن هذه الطريقة (الشعبية) ليست ابتداع (الهاشمي) وحده، فقد كانت موجودة في السودان ومستخدمة على نطاق واسع ومتداخلة مع طريقة أخرى، وهي (البصق) بعد (التمتمة)، أما خجلي فيعود إلى سببين أولهما حالة الإنكار الكبيرة لوجود هذه النوع من العلاج ونفيه تماماً من هذه البلاد، واعتباره (حدثاً جديداً)، وثانيهما عودة العلاج بالعض بعد انحسار وربما تلاشٍ، دام عقوداً.

وبدلاً من النقاش حول أسباب عودة هذا النمط التقليدي والبدائي، انصرف الفقهاء والناشطون، والمفكرون والكتاب إلى أحد سبيلين، إما التنديد والإدانة والنفي والإنكار، وإما المقايسات والمعايرات الفقهية والفتوية حول ما إذا كانت هذه الطريقة تجوز شرعاً أم أنها محض بدعة وضلالة!!

ولولا أن هذا الجدل ذكرني بمقال لـ (د. محمد بن عبد الرحمن البشر)، يذكر فيه أن (نابيلون بونابيرت) وبعد أن استولى جيشه على (دولة عربية) أرسل جواسيسه يتقصون ويرصدون، فكان أن رصد أحدهم تجمعاً كبيراً من الأعيان والمؤثرين والنافذين فاندس بينهم كي يبطل كيدهم، لكنه فوجئ بالتجمع يناقش ما إذا كانت النملة التي طلبت من النمل الآخر أن يدخلوا مساكنهم قبل أن يحطمنهم النبي سليمان وجنوده، ذكراً أم أنثى.

ومثل جدل (نملة سليمان) بدا لي هذا الجدل حول (عضة الشيخ)، فلا أحد ناقش الأسباب الحقيقية لهذا التراجع المخزي في طرائق العلاج وأساليب التطبيب ومن يمر أمام مستشفى الخرطوم ويمشي بين الناس في الأسواق والحواري (تهون عليه العضة)، والمتابع لما يدور من بين الزميل (محمد لطيف وآل حميده)، لن يستغرق ولن ينخرط في جدل حول ما إذا كانت نملة سليمان ذكراً أم أنثى، فالأمور واضحة ويمكن وضعها في قانون رياضي كالتالي “كلما فقد المرضى وذووهم الثقة في المشافي والكوادر الطبية والجهة المسؤولة عنهما، وكلما تردت الخدمات الصحية والطبية، وكلما تداخلت الاستثمارات الخاصة في القطاع الصحي مع العامة، وكلما ارتفعت أثمان التطبيب والدواء، اتجه المرضى إلى البحث عن بدائل أخرى، عضاً كانت أم بصقاً أم حتى (تلك التي لا تُذكر) في مقام الصحافة.

لذلك، ينبغي النظر إلى أسباب عودة (العض) مرة أخرى علاجاً، بعد أن اختفى عقوداً، وليس الجدل في كونه حراماً أم حلالاً، وكأنما الشيخ العضاض دأب على أكل لحم الخنزير أو تناوله لكأس (كأين) من الخمر المعتق، قبل دخوله غرفة العمليات.

[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمان
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي