هنا يُباع الدم ..!!
:: بالشرع، لايجوز الإتجار في الدم، لابيعاً ولاشراءً، وهذا ما اتفقت عليه كل المذاهب .. وبالقانون الوضعي، يمنع قانون الصحة العامة بالسودان الإتجار في الدم.. وأخلاقياً ، أي بجانب الشرع الإسلامي والقانون الوضعي، مُعيب جداً ومن العار أن تبيع دماء تبرع بها البعض – طوعاً وإختياراً – للبعض الآخر .. ورغم وضوح أمر هذا البيع في الشرع والقانون والأخلاق، تبيع المشافي بولاية سنار الدم للمرضى بمبلغ قدره ( 135 جنيهاً) كقيمة للزجاجة الواحدة .. وهذا البيع الحرام والمخالف للقانون وغير الأخلاقي، يتم تحت سمع وبصر وبعلم السلطات المالية العاليا، ومنها وزارة المالية المركزية، بدليل تحصيل تلك القيمة ب ( أورنيك 15)..!!
:: وفي محاولة يائسة لتحليل هذا البيع وللتحايل على القانون والأخلاق، لا تصارح مشافي سنار مرضاها بأن هذا المبلغ هو ( قيمة الدم)، بل تمدهم عند دفع المبلغ بالايصال المالي الرسمي والمعتمد عند المالية والمراجع العام، وبالإيصالي ما يلي نصا : ( 135 جنيه، رسوم زجاجة الدم الفارغة و رسوم الفصيلة)، هكذا النص بلا تفاصيل أو قسمة تقسم المبلغ على (الزجاجة الفارغة) و (الفصيل).. أي هي – مشافي ولاية سنار – تريد أن تقول بهذا التحايل انها لا تبيع الدم للمتلقي ولكن تبيع (الزجاجة الفارغة)، وكذلك هي لاتبيع الدم ولكن تضع رسماً عند فحص فصيل المتلقي .. أوهكذا يخدعون أنفسهم بمظان خدع الشرع والقانون والأخلاق ..!!
:: أولاً، مشافي سنار – كما كل مشافي الولايات الأخرى – تتلقى تتلقى الدم المعبأ في زجاجته مجاناً من بنك الدم المركزي بالخرطوم.. بمعنى، بنك الدم المركزي بالخرطوم لايرسل حصة مشافي سنار من الدم بالتناكر و البراميل والجرادل لتقوم مشافي سنار بدور التعبيئة في ( زجاجات فارغة)، ثم تبيع الزجاجة الفارغة للمريض .. لا، ما هكذا الأمر، فالدم يُرسل جاهزاً ومعقماً – في زجاجته – إلى كل ولايات السودان، ومجاناً بحيث لاتدفع المشافي الولائية حتى قيمة وقود عربات الإسعاف المنقول بها، فأي زجاجة فارغة هذه التي تبيعها مشافي سنار للمرضى بهذا المبلغ ( 135 جنيهاً)..!!
:: ثانياً، التحايل الثاني وهو قيمة الدم المسماة برسوم فحص فصيل المتلقي ..من أبجديات الطب أن يعرف الطبيب والمستشفى فصيلة دم المتلقى عند مرحلة الفحوصات العلاجية الأولية، وعلى ضوء هذه الفحوصات يحدد الطبيب حاجة المريض الى الدم و الفصيلة المطلوبة، ثم يوثق كل هذا في ملف المريض، ولهذه المرحلة ( رسوم)، فكيف تكون هناك رسوماً أخرى – عند تلقي الدم المطلوب – بمسمى رسوم فصيلة؟..يصبح الأمر مزعجاً – ولا علاقة له بالطب – لو أن كوادر مشافي سنار تجهل فصيلة دم المتلقي لحين إحضار وتجهيز دم الواهب، وبعد هذا تفحص وتعرف فصيل المتلقي بالرسوم..!!
:: المهم، ما يحدث بسنار نوع من العبث بالشرع والتلاعب على القانون وإستغلال المريض، ويجب محاسبة المسؤولين قبل أن يطوروا هذا البيع بحيث تمتلئ شوارع البلد بالمحلات والشركات ذات الإعلانات (هنا يبُاع الدم، نحن نبيعك أجود الفصائل، إتصل لتصلك فصيلتك، دمنا شربات)، وغيرها.. ولن يكون هذا النوع من التجارة مستحيلا في زمن بلغت فيه الإنتهازية الرسمية حد فرض الرسوم على ( دماء المتبرعين) ..وبما أن وزارة المالية على علم بما يحدث عبر ايصالها، فانها بحاجة إلى أن تحلل ميزانيتها من هذا (الكسب الحرام).. ولكن قبل التحلل، نسألها إن كان سعر الدم هذا يشمل الجمارك و..( ضريبة التنمية) ..!!
[/JUSTIFY]الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]