جمال علي حسن

الأضحية.. ليست كسر رقبة


[JUSTIFY]
الأضحية.. ليست كسر رقبة

الجهات المسؤولة عن الفتاوى وأمور الدين في بلادنا.. كنت أتمنى أن تجتهد تلك الجهات والهيئات في تنظيم حملات توعية وتذكير للناس بأصول الشعيرة التي يستقبلونها الأيام القادمة وحكمها الشرعي وشروطها، وحكم تاركها لو كان مستطيعاً أو ذلك الآخر غير المستطيع، كنت أتمنى أن ترعى الدولة مثل هذا البرنامج بجانب جهودها التي أعلنت عنها في توفير الأضاحي لقطاعات واسعة من المواطنين الموظفين عن طريق التقسيط.

وفروها بالأقساط، لا مانع، فتعظيم الشعائر وأداؤها تقرباً لله عز وجل هو أمر طيب، لكن الحقيقة تقول إن مثل تلك الشعائر الدينية المرتبطة بقدرات الناس وإمكانياتهم كثيراً ما تتم تأديتها في مجتمعنا السوداني كواجب اجتماعي أكثر من كونها واجبا دينيا أو سنة من سنن الإسلام.

لا حرج إطلاقاً في ترك الأضحية حتى ولو كنت مستطيعاً فتاركها المستطيع ليس مخالفاً لأمر ربه لكنه بالتأكيد حين لا يؤديها وهو مستطيع فهذا يعني أنه قد فاته أجر عظيم.

لكن حكم الأضحية أنها سنة مؤكدة، وهذا قول الجمهور، ولم يرد في الأدلة الشرعية ما يدل على وجوبها كما أن القول بوجوبها قول ضعيف.

الأضحية.. عيد وفرحة.. وأيام مباركة لكن علينا ألا نتعامل مع الأمر وكأنه بصفة الوجوب، فالرسول صلى الله عليه وسلم ضحى عن أمته، وقال: “ثلاث هن عليَّ فرائض ولكم تطوع: النحر والوتر وركعتا الضحى” أخرجه الحاكم.

لست فقيها ولا عالماً ولا نريد أن نعتلي هنا منبر الفقهاء والعلماء فمهامنا كصحفيين تنحصر في التبصير والتنوير بما صح وثبت حكمه بلا جدل ولا جدال حين يستدعي الأمر، وأرى أن الأوضاع الاقتصادية للمواطنين في بلادنا الآن قاسية على الناس لكنهم سينحرون الكبش (كسر رقبة).. ويحملون أنفسهم ما لا طاقة لهم به .

وقد بدأت حديثي بتحميل الهيئات والمؤسسات الدينية الرسمية في بلادنا هذه المسؤولية، مسؤولية التبصير بحقيقة الأمر وشروطه بعد أن صرنا نلاحظ الاختلاط والالتباس في الأضحية عند الكثير من الناس بين الحكم الشرعي الواضح والمعروف وبين الوجوب الاجتماعي وثقافتنا السودانية .

نخاطب الحكومة بتبني برامج التوعية وتحرير هذه الشعيرة من التباسات النوايا فيها حين تنحرف نحو تعظيم ثقافة المجتمع وليس تعظيم شعيرة الله.. حين تجد أحدهم يردد ساخطاً بعد عودته من السوق: “والله أنا جبت الخروف دا بس عشان الشفع والجيران” ..!

الإرشاد والتوعية لها وزارة كاملة في بلادنا ومليون هيئة ومؤسسة لكن برغم كل هذا لا يزال البعض ينحر الأضحية تعظيماً (للشفع والجيران)..

إنها مسؤولية الدولة ومسؤولية الحاكم في مثل هذه الظروف الاقتصادية الضاغطة على الناس، أن يبث مادة التوعية الإعلامية برفع الحرج عن هؤلاء الذين يشعرون بحرج بالغ إذا عجزوا عن أداء الأضحية ..

الحكومة هي المسؤولة، فقد ورد وصح عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما كانا لا يضحيان مخافة أن يُظَنُّ أن الأضحية واجبة. والله أعلم .

تقبل الله سعيكم ونحركم وصدقاتكم وتقربكم إلى الله وأسعد أيامكم وهوَّن عليكم أمركم وأمرنا جميعاً، إنه هو الرزاق العليم .

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي